Transitions électroniques/ أيّوب المزين
لي العوالم السّفليّة ومدائح الشيطان ولكم حلّ معادلة الانتقالات الإلكترونيّة المرفقة مع هذه الفقرات
Transitions électroniques/ أيّوب المزين
.
|أيّوب المزين|
كنت في بداية الألفية الثانية جهادياً، أحلم بالقنابل والرّصاص وأمجّد الحرب المقدّسة. وكلّما أطلّ بن لادن من على جبل، عجبت لجمال الطّبيعة في آسيا الوسطى. أذهلتني الكهوف وألوان الصخور الأفغانية الضّخمة وأحببت محاربين تُناصرهم الملائكة وتقاتل إلى جنبهم. أمضيت معظم الوقت في التهام أدبيات الإخوان والجماعات المقاتلة ورسائل عبد السلام ياسين، وفي الاستماع للشيخ كشك. ثمّ صادفت العروبة: الناصرية، فالبعث العظيم.
كنت ألعن الفرنكوفونية وأقرأ مقالات ميشال عفلق بالفرنسية. أسبّ اليهود وأستمتع بعيون Nicole Stéphane في فيلم “صمت اليمّ”. حوصرت بغداد، ومعها هذياني المتقلّب، وشُنق صدّام الذي حملت مسدّسي المائي الرشّاش تضامنًاً معه خلال حرب الخليج الثانية. كنت أخفي المسدّس في المحفظة، وأخرجه في الطريق من البيت إلى روضة الأطفال. في استراحة العاشرة، أتخيّل بعض المعلّمين والأصدقاء جنودًا أمريكيين والبقية أزلامي. أرشّ الأعداء لتصيبهم الحمّى ونزلات البرد القاتلة. أتخفّى خلف الحلفاء، عندما تنتهي ذخيرتي، وأركض نحو صنابير المراحيض، مرّة ومرّتين. وهكذا، إلى أن أصبح رأسي حديقة من الأشلاء.
وبمحض الصّدفة، مرّة أخرى، اكتشفت “العقل في التّاريخ” لهيغل عام 2006، ومعه الطّبري. كنت أجهل دريدا وهيدغر وفتغنشتاين، وبييسوا وكافكا وكورتاثار. وحين عرفتهم، انجرفت عند منحدر ماتع وفاتن وغدّار إلى أن سمعت في مكان ما كلامًا سديدًا يقول: “يا صاحبي، اهرب إلى عزلتك. أراك مصعوقًاً بهرمسة العظماء ومكدومًاً بنِخاس الصّغراء. تعرف الغابة والصّخرة أن تتواضع بفخر في حضرتك. أشبه من جديد الشّجرة التي تحبّ، الشّجرة ذات الأغصان الكبيرة. إنّها تستمع صامتة ومتوقفة أمام البحر”.
من يومها، أفَلَتْ أصنامي وأضحيتُ عبّادة شمس الحقول. لا خلافة ولا عروبة ولا فلسفة بعد الآن، وأنتم يا كتبة الأدب وحماة اللّغة على الفيسبوك، من أنتم؟ أين كان آباؤكم وأجدادكم عندما أورقت زهرة الوجود الأولى تويجها المغدور؟ لي العوالم السّفليّة ومدائح الشيطان ولكم حلّ معادلة الانتقالات الإلكترونيّة المرفقة مع هذه الفقرات.
