غسان زقطان يطلق مجموعته الجديدة “لا شامة لتدل أمي عليّ”

غسان زقطان يطلق مجموعته الجديدة “لا شامة لتدل أمي عليّ”

جرى الحفل في متحف محمود درويش وسط حضور ثقافي واسع • وليد الشيخ: غسان زقطان خلق شامة شعرية تدل عليه، رافعاً مقامات الحجاز من صحرائها إلى التلال، معيداً إلى القصيدة براءة الحقل

10849964_804489252950749_2757283329308037336_n

>

|يوسف الشايب- “الأيام”|

كانت الأمسية الشعرية لغسان زقطان في متحف محمود درويش بمدينة رام الله، مساء أول من أمس، في حفل إطلاق مجموعته الشعرية الجديدة “لا شامة لتدل أمي عليّ”، الصادرة عن دارة الأهلية للنشر والتوزيع في عمّان، وقدمه الشاعر وليد الشيخ، أشبه بلوحة تلاحقت فيها ألوان الطيف وغيرها، فتارة تشعر أنك أمام شعر خالص، وتارة أمام ما يشبه القصة القصيرة، ومرة يطرحك الحاصل على جائزة “جريفين” العالمية مؤخراً، إلى مقطع من رواية، أو لوحة متخيلة، أو حتى مشهد سينمائي، ولعل هذا ما دفع الشيخ للقول محقاً بأن “غسان زقطان خلق شامة شعرية تدل عليه، رافعاً مقامات الحجاز من صحرائها إلى التلال، معيداً إلى القصيدة براءة الحقل، كي يظل البوح الرعوي طازجاً وشهياً، وفي ذهابه الدؤوب نحو تفاصيل الآن، وإشارات الأمس، ظلت قصائده قلقة مثل بريد متأخر”، هو الذي أضاف مقدماً زقطان برشاقة لغوية تليق بالشاعر المحتفى به “على كتفه الآن نجمة الشعر العالمية .. الكتف ذاتها التي حملت الكلاشينكوف حين ظن الفتى أن بمقدوره أن يتناول وجبة الإفطار في الوطن نحو تل زكريا (قرية زقطان في الأراضي المحتلة العام 1948)” .. هو، أي زقطان، الذي وصفه بـ “شقيق المطارات، وابن الغياب، وشاعر التذكر لا يزال “يواصل بأناقة جارحة مداواة الخصوم”.

وقبل أن يطلق العنان لقصائد “لا شامة لتدل أمي عليّ”، قدم زقطان بصوته ذي البحة المحببة قصيدة إلى محمود درويش في حضرته، بعنوان “إلى محمود درويش في بيته”: قال فيها “كلما جئت بيتك يا صاحب النهر، ألفيت ضوءاً هفيفاً وخمراً .. كلما جئت بيتك ألفيت خبزاً وزيتاً وماء، وشاهدت نرجسة في كلام الرثاء .. كلما جئت بيتك ألفيت شباكه يرتجف، وشاهدت أصحابك الميّتين ينامون في مدخل الدار قرب الفضاء .. كلما جئت بيتك ألفيت سيدة تعترف وشاهدت جاراتك الذاهلات، وأهداب روحك في ميلة الظل رمانة يسقط الحب منها ولا تنكشف”.

وكان لـ “سارة” حضورها الطاغي في الأمسية كما في المجموعة، حيث انطلق زقطان بمقطع “خذيني إليك يا سارة .. أمي نائمة وأبي أخذه النهر، وليس عندي حلم لأنام .. أخوتي أخذهم النساجون إلى حلب وتركوني هنا لأخبر أمي عندما تستيقظ أن النهر أخذ أبي، وأن النساجين أخذوا أخوتي، وأنها ميتة … خذيني من يدي يا سارة، وصل الليل، وأصبح النهر خلفنا، ولا أعرف الطريق إلى حلب … يا سارة الناصرية، ليس عندي ضوء لأدلك، ولا شامة تدل أمي عليّ ….”.

وأبدع زقطان حين أعلنها “لم يأت أحد، القتلى فقط وصلوا مبكرين، وجلسوا بهيئاتهم المشوشة .. في هواء القاعة كان الدخان وهواء الأسرة المحترقة يزوبع مثل ثلج أسود .. كان يأتي الدخان عبر النوافذ المغلقة ومن تحت الأبواب ومن الأرضية النظيفة، ويندفع من النقوش الفارسية على البساط، ويتعلق في الستائر والشراشف المنشّاة وأكاليل الزهر وزجاجات المياه المعدنية .. ثم قال شخص لم نتبينه يصف الأمر في بعد “لم يحضر أحد، فقط القتلى وصلوا مبكرين دون ملفات مدروسة، وبحجة وحيدة خرساء”.

و”بحكم العادة، الجندي الذي نسيته الدورية في الحديقة .. الدورية التي نسيها حرس الحدود على الحاجز .. الحاجز الذي نسيه الاحتلال على العتبة .. الاحتلال الذي نسيه السياسي في حياتنا .. السياسي الذي كان جنديا في الاحتلال .. الميركافا التي نسيها الجيش في المدرسة .. الجيش الذي نسيته الحرب في المدينة .. الحرب التي نسيها الجنرال في الغرفة .. الجنرال الذي نسيه السلام في نومنا .. السلام الذي كان يقود الميركافا .. ما زالوا يطلقون النار على رؤسنا دون أوامر، هكذا بحكم العادة”، وهكذا كان زقطان، الذي قدم قصائد ومقاطع من قصائد أخرى، أخذنا فيها إلى حيث “الروائح والبيوت والأسماء والأقارب، وسرب من الراحلين إلى عتبات مدارس الأونروا ومؤن المخيم”، قبل أن يتفقد “خنادق مقاتلين كانوا في الأصل شعراء علقوا في كمائن من القلق”، تاركاً “الطيور خلفه تحمل العش كبيت مستحيل .. هو من أعاد ترتيب الحقيبة، وشرب القهوة وانتظار سيارة الجسر”.

>

10343495_342737632575946_756981322200383036_n

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>