الفلسطينيون في إسرائيل: نهايات ثقافة في الظلال وبداية ثقافة في حرّ الشمس/ مرزوق الحلبي

الفلسطينيون في إسرائيل: نهايات ثقافة في الظلال وبداية ثقافة في حرّ الشمس/ مرزوق الحلبي

جيل جديد من المبدعات والمبدعين يفرض تحديا أمام ثقافته المتقادمة وثقافة الآخر الساعية إلى فرض هيمنة أو وصاية

عاصم أبو شقرة، "صبار"، 1988

عاصم أبو شقرة، “صبار”، 1988

>

|مرزوق الحلبي|

مرزوق الحلبي

مرزوق الحلبي

إستهلال:

للثقافة مفهومان؛ أحدهما واسع ويعني مجمل الأنشطة والأنماط الفكرية والعملية لجماعة ما في كل مجالات حياتها. وأحدهما أضيق، ويعني مُجمل الأنشطة والأنماط الفنية الجمالية لمجموعة ما. الأول متمدّد على كامل مرافق حياة الجماعة والثاني محصور في مرافق الإبداع الجمالي. صحيح أن المفهوم الثاني الأضيق قد يشكّل اختزالا للأول وإطلالة عليه لكنني أعتمد هنا المفهوم الواسع للثقافة خاصة في ضوء الشروط الخاصة للجماعة التي سأتحدث عنها وهي الفلسطينيون في إسرائيل.

إنّ الشرط السياسي لهذه الجماعة يجعلنا نفضّل المفهوم الواسع للثقافة لأنه قادر أكثر على تكوين صورة أعمّ وأشمل لثقافة هذه الجماعة في عمقها. فكون الفلسطينيين في إسرائيل مثلا جماعة أصلانية لها امتداد تاريخيّ في المكان والزمان اللذين يسبقان قيام إسرائيل يُعطي لهذه المجموعة أبعادا أخرى. وكذلك الأمر بالنسبة للامتداد القومي والثقافي لهذه الجماعة المنتمية لمحيط عربي والمتحدرة من تاريخ إقليم سُمي فيما مضى بسورية الكبرى، مع كلّ ما يعنيه هذا التركيب الثقافي السياسي والتاريخي. على مستوى آخر، فإن حقيقة وجود هذه الجماعة ضمن دولة ناطقة بلغة أخرى –العبرية- يجعل السؤال الثقافي أبعد بكثير من حدود النشاط الفني الجميل. وهو ما سنحاول استعراضه في هذه المداخلة. أي نوع من الثقافة تيسّر للفلسطينيين في إسرائيل أن يُنتجوا؟ أي مبان ثقافية وأنماط يُمكن أن تنشأ من شروط كالتي أشرنا إليها؟

ثقافة هاربة إلى أمام!

نُشير بدايةً إلى حقيقة أنّ الفلسطينيين في إسرائيل خضعوا طيلة خمسينيات وستينيات القرن الماضي لحكم عسكري مباشر (انتهى عام 1966) فيما هم يرزحون تحت صدمة الاقتلاع والتهجير وخطر الترحيل الذي ما يزالون إلى اليوم يتوجسون من حصوله في لحظة مناسبة بالنسبة للدولة العبرية. ومن هنا فقد شدّهم مركز القوة اليهودي الممثل بالمؤسسة الإسرائيلية الحديثة العهد إليه بقوة من خلال نظام متكامل للتصاريح والأذونات والمعاملات التي أشرف عليها الحكام العسكريون وتحكموا بواسطتها بهذه الأقلية وبكل صغيرة وكبيرة في حياتها (نحو 90% منهم وهم الذين عدّوا نحو 170 ألفًا صوّتوا لحزب “مباي” الذي أقام الدولة العبرية). من هنا، من هذه المرحلة نشأت شخصية سعيد أبي النحس، بطل رائعة إميل حبيبي، “المتشائل”، الذي رسم بدقة متناهية نفسية الفلسطينيين الباقين في وطنهم بعد النكبة. فقد ارتبطوا في وقائع حياتهم واحتياجاتهم بالحكم الإسرائيليّ الجديد وظلوا في وجودياتهم وروحهم الجمعية مشدودين لمركز فلسطيني كان أو مُتخيّل! وعاشوا حياتهم بين المركز الإسرائيلي القابض على وقتهم وحيّزهم ووقائع حياتهم وبين ذاتهم المفقودة المشتتة في أصقاع الأرض. وعلى هذه الأرضية نمت ثقافتهم ومن هذه المادة صنعوا منتجاتها الجمالية أو السياسية. فكانوا حاضرين غائبين بالنسبة للسياسات الإسرائيلية مسكونين بخوفهم ونكبتهم ومفاعيلها. فما أنتجوا سوى تذكّر ما كان أو بكائيات أو محاولات توليف بين ما كان وبين ما استجدّ بلغة مواربة مزروعة في الماضي مرعوبة من الحاضر مجهولة المستقبل. وقد أنتجوا فكرة الشراكة اليهودية-الفلسطينية على أساس أمميّ يتجاوز “القومي” وصراعاته وتباريحه. قالوا: “لنهرب من التوتر الوجودي الناجم عن إحلال المجتمع اليهودي في فلسطين التاريخية بدل المجتمع الفلسطيني إلى أممية تتسع للجميع، إلى طبقية متخيّلة لا تفرّق بين الذين يعيشون بين نهر وبحر”. كأنهم يعترفون: “إذا كان من المتعذر العيش مع اليهود شعبا ساعيا إلى السيادة فلنعش معهم سوية كرفاق حزب أو شركاء في “الطبقة” أو الأيديولوجيا”! مثّل هذا الخيار الثقافي الحزب الشيوعي الإسرائيلي المؤلف من أكثرية يهودية وأقلية عربية بادئ الأمر -حتى أواسط الستينيات- ومن أكثرية فلسطينية وأقلية يهودية منذ أوائل السبعينيات!

ثقافة فلسطينية هاربة إلى أمام من التناقض الوجوديّ الذي فُرض عليها. أنتجت حالة من التأرجح بين ماض واضح المعالم تم تصويره على أنه فردوس مفقود وبين حاضر إشكالي فيه من الإكراه والقسر والإخضاع

ثقافة فلسطينية هاربة إلى أمام من التناقض الوجوديّ الذي فُرض عليها. أنتجت حالة من التأرجح بين ماض واضح المعالم تم تصويره على أنه فردوس مفقود وبين حاضر إشكالي فيه من الإكراه والقسر والإخضاع. وهكذا جاءت النصوص عاكسة حالة من ثنائية صادمة: “العميل” و”المتعاون” و”الواشي” مقابل “المناضل” و”الوطني” و”الرافض”. هذا وذاك أحبوا جمال عبد الناصر وخطاباته لأنها تدغدغ الوجدان وتعاملا مع المؤسسة الإسرائيلية لغرض الحصول على عمل أو وظيفة أو دخول الجامعة أو فلاحة الأرض! هكذا كان بطل إميل حبيبي مُغرقا في تعامله مع جهاز الأمن الإسرائيلي والضباط العسكريين لترتيب أمور حياته لكنه من ناحية ثانية كان مغاليا في وطنيته وماضيه وانتمائه. نصوص دافعت عن الواقعية وعن الانخراط في اللعبة الإسرائيلية في الحياة والسياسة والعمل. ونصوص قدّست الماضي واعتُبرت ردا بالكتابة على حالة القهر. وبين نصّ ونصّ دخل ممثلو المؤسسة الإسرائيلية وحاولوا أن يقنعوا الكتاب وكانوا متعلمين أو خريجي ثانويات أن يكتبوا بالعبرية أو بالعربية المحكية لإحداث قطيعة معرفية وعملية مع الماضي والمحيط العربيين. نقول “متعلمين” على اعتبار أن النُخبة الفلسطينية في الساحل الفلسطيني كانت هاجرت أو هُجّرت فلم يبق منها في البلد أحد تقريبا. مجتمع بدون نُخبه الثقافية والاقتصادية والدينية والاجتماعية. هُجر أهل المدن وهاجروا وبقي أهل الريف لخطأ ما في المشروع الصهيونيّ. فكانت الثقافة بما يتناسب، ثقافة فلاحين محكومين للأرض التي تغيرت السيادة فوقها وللسيادة الجديدة وسياساتها.

ومن هنا، تميّزت ثقافة الفلسطينيين في إسرائيل طيلة العقود الثلاثة الأولى بعد قيام الدولة بأنها ثقافة تذكّر للماضي وصوت خافت تمامًا إلا فيما ندر؛ ثقافة مجموعة خائفة تراوح مكانها. ثقافة مقاومة بالحيلة والتستر والمواربة. عدا خطاب الفلسطينيين المنتمين للحزب الشيوعي الإسرائيلي الذين احتموا بشراكة يهودية عربية وأخوّة مأمولة لتهريب نزعات قومية وحنين لفردوس كان ورغبات مكبوتة للتواصل مع فلسطين والشعب الفلسطيني الذي لم يكن يُذكر صراحة أو يسمى بهذا الاسم. وقد طغت أحاديث “الباقون في وطنهم” أو “الجماهير العربية” أو “البقية الباقية في وطنها” على الثقافة والسياسة وما بينهما وفيهما، لأنّ مركز القوة الإسرائيليّ كان حاضرًا بقوّة بعيونه ومخابراته وسجونه وقيوده وإجراءاته، يُذكّر بالنكبة وآلامها. ثقافة مقموعة بسبب من شرطها السياسي وقاصرة بسبب من رحيل النُخب تحاول مداواة انكسارها بالهروب إلى أمام لتقع في الظلال!

ثقافة في الظلال: ثقافة الصّدى لا الصوت!

شكّلت حرب حزيران 1967 مفصلا في حياة الفلسطينيين في إسرائيل وفي ثقافتهم. فجأة، حصل التواصل مع الشعب الفلسطينيّ في ظروف مفارقة تاريخية تتمثل في الاحتلالات الإسرائيلية لمناطق عربية وفلسطينية. وتمّ عبر هذا التواصل المكبوت الالتقاء المحدود مع عالم عربي منتكس بنتائج الحرب وهزيمة الناصرية والعروبة التي عُلقت عليها الآمال العِراض، بما فيها الأمل في استرجاع الفردوس المفقود وعودة الغائب ولمّ الشمل واكتمال الوجود الناقص. فجأة، في ضوء القمع العربي من المحيط إلى الخليج، برز صوت الفلسطينيين في إسرائيل كأول الأصوات المتجاوزة للنكسة وخيباتها. كأنّ الجماعة العربية الفلسطينية المحشورة في هامش ضيق ضمن الكيان الإسرائيليّ المتسع جغرافيًا والمنتشي معنويا بنصر ماحق، كلّفت بإشاعة الأمل من جديد وبإشعال شمعة في الظلام الدامس بتأثير الصدمة! فنتج ما سُمّي “الشعر المقاوم” الذي جسّد خطاب الإقرار بالهزيمة أولا وبتحويلها إلى “أزمة بانية” ربما بتأثير من الاعتقاد بحتمية تاريخية أكبر من انتصار إسرائيل ونشوتها! حتمية انتصار الاشتراكية على الرأسمالية والخير الذي تمثله على الشرّ. شعر لم يكن في نهاية الأمر مقاومًا بقدر ما كان طوباويًا مثاليا ورومانسيا صدّق النظرية وكذّب الواقع، ذهب خلف الأمنية وأشاح عن الوقائع. هذه الأقلية المأسورة بشرطها السياسي كانت أكثر حرية في التعبير عن خلجات قلبها من عموم العرب في الأقطار المتنوعة المذاهب الموحدة في ادعاء الحرية والكرامة العربية وما شابههما من تراكيب اتضحت مع الوقت أنها فاقدة للمعنى!

سرعان ما اتضح أنّ “الخطاب المقاوم” للفلسطينيين في إسرائيل لم يكن أكثر من إسقاط للأماني على جماعة مقهورة وعلى نتاجها الثقافي. ولأنها جماعة تعيش في قلب إسرائيل وترفع صوتها من قلب إسرائيل، فقد أسبغ عليها ما أُسبغ من آيات المديح وعجائب الأماني، بينما كان الواقع يشدّ بها نحو الظلّ من جديد. جماعة مقطوعة من شجرة ألفت نفسها عُرضة لقوى تجاذب وتنافر بين أربعة مراكز قوى تستظلّ في ظلها وتنتهي ثقافتها هناك. فبعد بروز منظمة التحرير الفلسطينية كلاعب مركزيّ في الصراع انشدّت الجماعة الفلسطينية في إسرائيل بخفر إليها، الأمر الذي دفع بالمركز الإسرائيليّ إلى زيادة ضغطه على هذه الجماعة ورمي عباءته عليها. في البعيد مراكز عربية في القاهرة والشام وبغداد وبيروت شكلت سقفا آخر للأماني والتطلعات والأفكار. وأبعد في الشرق الأوروبيّ نموذج سوفييتي أرسل بثّه إلى الجليل وساحل فلسطين وشدّ إليه الجماعة واهتمامها. كانت المحصّلة أربعة ظلال متقاطعة أو متراصّة فوق جماعة موزّعة بين هذه الظلال، وهو ما انعكس في ثقافتها بمعناها الواسع. فقد كانت الجماعة صدى لهذه الظلال وتناقضاتها وتقاطعاتها، فأنتجت القومي والاشتراكي والواقعي والهويّتي من نصوص وخطابات. أما المشترك بين هذه النصوص فهو التذيّل لواحد من مراكز القوى أو أكثر. واتضح كم كانت ثقافة الجماعة صدى لا صوتا! ولاحظنا أنها ثقافة ردّ الفعل، تنتج خطاب الضحية ليس إلا بأفعال القلوب لا بأفعال العقول. فكلّ هذه الظلال وأن تلونت أنتجت تشابها في الأنماط والأنساق والأحاديث. جماعة تنزع إلى موالاة. جماعة ساعية إلى تحصيل وصاية ما. ثقافة في الظلال، “والظلّ لا ذكر ولا أنثى” كما قال محمود درويش. خليط من توجّهات محكومة لواقع واضح المعالم في ضغطه ومتطلباته كالألوان التي إذا اختلطت كلها تُفضي إلى اللا لون. حالة بينية كما وصفها هومي بابا كانت في البداية فاقدة لمعنى خالية من مضمون يُثير الخيال أو يفرض التحدي. حالة استمرّت حتى الثمانينيات برز فيها أبناء “المتشائل” غير قادرين على إحداث اختراق يُذكر كانعكاس وصدى لعجز عربي وفلسطيني عام عن إحداث اختراق.

وقد عبّر محمود درويش بتجاوزه شروط مكانه بالانتقال إلى فضائه العربي عبر موسكو إشارة إلى مداواة للعجز المحلي بالاتصال بعجز عربي أشمل وأعمّ. وهو انتقال جسّد ذاك الضيق من غربة في الوطن الذي امتلكته سيادة يهودية وافدة. بل كشفت خطوة محمود درويش تلك الضائقة الوجودية الناجمة عن وعي ذاتي تحت القمع والقهر وفرض الإقامات الإجبارية وتقييد حرية التنقل. وكان درويش قضى سنواته العشر في حيفا من عام 1961 حتى عام 1970 تحت عين الرقيب الذي قيّد تنقلاته هو وزملاءه من مثقفين وناشطين.

ثقافة هُويّتيّة ونهضة معاقة!

شهدت التسعينيات طفرة في حياة الفلسطينيين في إسرائيل. فقد أقرّوا في نهاية الأمر بأنهم فلسطينيون وجزء من الشعب الفلسطيني الذي حقق المعجزة بانتفاضته الأولى السلمية التي فرضت نفسها وأطلقت العملية التفاوضية في مؤتمر مدريد. شعر الفلسطينيون في إسرائيل بمعنى أن تكون فلسطينيا مرفوع الهامة! أما اتفاقيات أوسلو فجاءت لتطبّع علاقتهم بذاتهم كفلسطينيين. حتى الحزب الشيوعي بمطبوعاته انبرى يدعي أنه دائمًا ما اهتمّ بالهوية الفلسطينية ومآلاتها. اتفاقيات جسّدت اعترافا إسرائيليا بشعب فلسطينيّ وبحقوقه ساعدت الفلسطينيين في إسرائيل على الاتصال بذاتهم القومية ومنحت هذا الاتصال شرعية قانونية وسياسية. وهو أمر تجسّد في كتابات عكست نوعًا من رضى عن الذات وشعورًا بحصول انفراج في العلاقة مع الآخر وتقارب معه. ثقافة على باب “المصالحة” التاريخية ترى إلى ماضيها بنوع من الاعتزاز والفخر وتدّعي لنفسها الإسهام في الانفراج وفي “المصالحة”. لكن سرعان ما حصل الانكفاء في هذه الوضعية الانفراجية بسبب الانقلاب السياسي في إسرائيل الناجم عن اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلي يتسحاق رابين وفشل العملية التفاوضية. شهدت هذه المرحلة حركة “خلفا دُرّ” إلى المتاهة. فالثقافة الهويّتية القائمة على توكيد الانتماء لتاريخ وجماعة ولغة ومفردات انتكست تماما إلى حالة من الطريق المسدود. فإذا حلمت الجماعة بأن تسوية مع إسرائيل هي فاتحة لتجسيد فلسطينيتهم على نحو ما ضمن الدولة العبرية الجديدة -الذاهبة في خيار السلم مع الفلسطينيين والجوار العربيّ- اصطدم الحلم بواقع عنيف تجسّد في الاحتلال الإسرائيليّ المتجدد للمناطق الفلسطينية وفي محاصرة القضية الفلسطينية في مقرّ إقامة القائد الرمز ياسر عرفات في رام الله! بمعنى، أنّ الانتشاء في ثقافة الهوية الفلسطينية بُتر مثلما بُتر مشروع المدينة الفلسطينية أيام النكبة. فلسطينيون حتى النُخاع دون أي إمكانية لتجسيد هذه الهوية ضمن الشرط المتدحرج بقسوة كأنه عودة إلى ما كان عشية قرار التقسيم والنكبة!

باسم مواجهة السياسة الإسرائيلية نتج أدب رافع الرأس وقُمع أدب كان يُمكن أن يشكل تحديا فنيا راقيا أمام الثقافة العبرية. حالة من الازدواجية الأخلاقية أو من الأخلاقية المثقوبة. ثقافة تمارس التحدي نحو الخارج الثقافي وتقمعه في الداخل الثقافي. ثقافة واقعة في الشيزوفرينيا حتما

حالة بدأت تتكرس من أواسط التسعينيات واكتسبت دفعا في بداية العام 2000 حينما بادرت الدولة الإسرائيلية إلى اغتيال مواطنة الفلسطينيين فيها حينما هاجمت تظاهراتهم الاحتجاجية وقمعتها بالحديد والنار من خلال قتل 13 متظاهرًا وإصابة المئات وسجن واعتقال بضع آلاف منهم. هنا، وقف الفلسطينيون في إسرائيل أمام جدار عال اسمه سياسات القمع والإجراءات. حتى الشركات المدنية الإسرائيلية قاطعت تجمعاتهم وفصلت عمالهم وفضّت تعاقدات مع شركاتهم ومرافقهم. غاب اليهود كليا عن شراء الخدمات والسلع من الفلسطينيين وانسحبوا من الشراكات معهم حتى في مستوى المجتمع المدنيّ ومؤسّساته. حصل فرز جديد بين الشعبين وهذه المرة داخل إسرائيل! نهضة معاقة حقا! أجيال جديدة من البرجوازية الصغيرة والمثقفين والتجار ورجال الأعمال المتمرّسين وطنيا المدركين لهويتهم عجزت عن فعل أيّ شيء بوعيها ومعارفها. فالقاهر الإسرائيلي الذي خاف لأول مرة من الجماعة الفلسطينية داخل إسرائيل وليس من مصدر خارجيّ كما كان، بدا متجبّرا وجادا في إخضاع الجماعة أو نزع شرعيتها كهوية قومية. اندفاع إسرائيلي أنتج تراجعا فلسطينيا في كل شيء. خوف من القمع المنهجي أنتج حالة من الشلل الذي دفع بالثقافة إلى مراجعة معمقة وإلى ظهور الصوت الفردي غير المؤدلج. ولعلّ أبرز ما أنتجه أحفاد “المتشائل” في هذه المرحلة هو تلك المحاولة لإنتاج نقطة ارتكاز جديدة تمثّلت في أربع وثائق رؤيوية وعملية حاولت أن تعرّف “العالم” و”الوجود” من جديد وتصوغ تصوّرًا للمستقبل ومشاريع عمل جديدة. واللافت أنّ الفاعلين أتوا من مؤسسات المجتمع المدني وليس من الأحزاب والحركات السياسية. بل أنّ هذه الحركات عارضت وضع الوثائق واعتبرتها نصًّا لا لزوم له لأنّ الحركات أنتجت مثله وأحسن منه! وكانت المفاجأة أنّ المجتمع اليهودي بمؤسّساته وأوساطه الأكاديمية والقيادية تعاطت مع هذه الوثائق بجدّيّة متناهية بينما أهملتها القيادات العربية داخل المجتمع الفلسطيني نفسه! بمعنى ما، أنّ هذه المؤسّسات نجحت إلى حدّ كبير فيما فشلت فيه الأحزاب. فقد خلصت ثقافتها من التبعية والتذيّل ومن الهامشية. وأخرجتها من الظلال إلى الشمس اللاهبة!

مرحلة كشفت بؤس الحالة الثقافية التي أشاعتها الأحزاب والقوى الفاعلة على مذاهبها الفكرية وخطابها الوطني أو القومي أو الأيديولوجي. فالقوى الإسلامية بدت مستنكفة عن أيّ فعل بانتظار مشروع الخلافة أو المدّ الإسلامي مثلما انتظر الشيوعيون من قبل زحف الجيش الأحمر ومثلما انتظر القوميون طلّة جمال عبد الناصر من ناحية الجنوب. بمعنى، أنها ثقافة انتظار المخلّص لم تبرح أماكنها هنا وظلت تفعل فعلها إلى الآن فيما المؤسسة الإسرائيلية تفرض الوقائع على الأرض، ثقافة تنتظر جودو وثقافة وافدة تقتلع وتستبدل وتحرث وتزرع! ثقافة تعوّل على العواصم العربية الخاوية من صنعاء إلى دمشق إلى طرابلس إلى عمان التي زارتها وفود الفلسطينيين في إسرائيل، تورّطت غير مرة في تصريحات نارية لحستها عند عودتها إلى الجليل أو حيفا. وثقافة مندفعة بكامل قوتها تستثمر الوقت والفرص وتفرض حقائقها الناجزة. مشاهد عكست حالة من الدوران في حلقة مفرغة خاصة أنّ كل زيارة إلى عاصمة عربية تم تصويرها لدى منظميها على إنها إنجاز تاريخيّ أو فعل سياسي بامتياز اتضح فيما بعد أنه انشداد لا طعم له سوى الذلّ والانجرار وراء عواصم لا تبحث إلا عن شرعية لدى مجموعة فلسطينية هامشية. زيارات أخرجت الهامشيين من هامشيتهم ومنحتنهم شعورا بالأهمية على مائدة القذافي أو بشار الأسد وأظهرت هؤلاء القادة بمنزلة المهتم بالفلسطينيين والمشفق على حالتهم والمتعاطف مع معاناتهم. مرحلة اتسعت فيها ثقافة “النضال الإعلامي الرمزي” وانتشت فيها نصوصها. ثقافة تسجيل مواقف والحضور في عناوين الصحف وشاشات التلفزة وفضائيات العرب. ثقافة هلامية أنتجتها قيادات تقليدية اجتماعية وسياسية ودينية وعقائدية وتاهت فيها!

في هذه الأثناء، وتحت سطح الأحداث، وصل مثقفون نقديون الليل بالنهار ووضعوا الوثائق التي سُمّيت “وثائق التصورات المستقبلية للفلسطينيين في إسرائيل”. وثائق، كانت في أساسها محاولة لاختراق هذه الحالة والخروج من الظلال ومن الانتظار ومن التذكّر إلى شيء ما تفعله وتصنعه بيديها ولا يأتيها صدفة. وثائق عكست الرغبة في الإتيان بأفعال إرادية وفق تصوّر ومشروع مرسوم بدل المراهنة على ما في التاريخ من مفارقات وأفعال تلقائية وبدل الركون إلى غزل العواصم العربية ونِعمها! وثائق غذتها كتابات أكاديمية وتنظيرية مُحكمة تسعى بإخراج الجماعة من روايتها أو حلمها إلى واقعها وشدّها إلى الفعل المدروس والمنهجي في محاولة للتغيير.

سنوات الألفين وحتى الآن هي سنوات مؤسّسات المجتمع المدني بين الفلسطينيين في إسرائيل. مؤسسات مهنية متخصّصة يقودها أكاديميون ومهنيون ونشطاء ومفكرون من نساء ورجال تجاوزوا السقوف الواطئة كلها، العربية والفلسطينية والذاتية والإسرائيلية، وأنشأوا خطاب الحقوق وحقوق الإنسان وحقوق الجماعة وحقوق اللغة والثقافة والقومية والجماعة الأصلانية اعتمادًا على آخر ما أنتجته العلوم السياسية والحقوقية والمعاهدات والوثائق الدولية. جيل من أحفاد المتشائل اكتشفوا سرّ اللغة الدولية فأجادوها تحدثا وتطبيقا من خلال شبكة مؤسسات حقوقية وفكرية وخدماتية. مؤسسات شكلت في عملها وخطابها ومنجزاتها اختراقا لحالة الانسداد المستعصية. مهّدت للوثائق وانطلقت منها إلى التغيير في الواقع من خلال استراتيجيات الفعل عوضًا عن استراتيجيات الانتظار في الظلال والتذكّر والتباكي. مؤسّسات خرجت من إسار خطاب الضحية وما يبعثه من مشاعر راحة وأحقية لأنّ الضحية في الجانب المضيء من الخلاق دائما إلى رحاب العمل المنهجي المؤثّر على الآخر وسياساته! مؤسّسات تحاور وتناور بأدوات واستراتيجيات التغيير. مؤسسات أخرجت الجماعة من خناق خصوصيتها وهويتها وربطتها بحركات المجتمع المدني الدولية ومارست اللعب السياسي الفاعل مقابل سفارات وبرلمانات واتحاد أوروبي وإدارة امريكية وهيئات الأمم المتحدة ولجانها. شيء ما جديد أدخلته هذه المؤسسات وجسّدته بحضور لافت ليس في حياة الجماعة الفلسطينية فحسب بل على خط المواجهة مع الآخر اليهودي بمستوييه الرسمي والشعبي.

هذه المؤسسات ضالعة بقوة في العمل الثقافي الجمالي من خلال تثوير غير مسبوق للطاقات. كأنّ عقودًا من الإعاقة الثقافية انتهت لصالح طفرة ثقافية محمودة في كل مجالات الإبداع والعمل الإنساني. في السياسة ـ خطاب سياسي ارتقى واشتبك بخطاب وتنظيرات مشرقة في مسائل حقوق الأقليات القومية الأصلانية، خطاب فكري وأكاديمي اشتبك باعتزاز بإنتاج أكاديمي في أوروبا وأمريكا وأفريقيا ـ في الأدب، إنتاج لجيل شاب في الشعر والقصّ والصحافة والرواية يُنشر بلغات عدة يرفض القولبة والتنميط، الارتهان للخصوصية الهويتية -في المسرح- عروض لمسرحيات عالمية أو محلية في مسرح رسمي مدعوم حكوميا وبعض المسارح الخاصة الأفنغاردية -في الفنون التشكيلية: معارض وورشات إبداع متنقلة لفنانين وفنانات تشكيليات تجاوزن حدود الجماعة إلى الحيز العبري والعالمي أيضا. في الموسيقى والغناء: فرق وفنانون وفنانات أجادوا الفنون الموسيقية والغنائية وطافوا بها بلادهم وبلاد الأجانب ومهرجاناتهم يرسمون بأصواتهم ونغماتهم صورهم الشخصية والجماعية بجمالية آسرة. جماعة تُنتج في كل شيء تقريبا ثقافتها الجديدة المحرّرة إلا من شرطها السياسي والمادي. في كل مجال إبداعي تقريبا ستجد العشرات من الفاعلين الذين تركوا بصماتهم في الثقافة الإسرائيلية العبرية، أيضا. مبدعون في المسرح والأكاديميا، في الكتابة وفنون المسرح، في التشكيل والفكر، في الموسيقى والغناء انطلقوا من ماضيهم إلى مستقبلهم ولا عائق أمامهم سوى سياسات المركز الإسرائيلي الذي يحاول أحيانا، وبنجاح ما، تدجينهم وحشرهم في خانة الهوية والخصوصية وتنميط إنتاجهم وتحويله على ملصقات دعائية تستظهر الهوية أو الخصوصية.

الثقافة العبرية في سيرورتها العامة تعاملت مع الثقافة الفلسطينية في إسرائيل على أنها “ملصق” دعائيّ ووصمتها دائمًا على هذا النحو. ولنعترف بأنها وصمة في محلّها على الأقلّ حتى الثمانينيات من القرن الماضي. بل أنّ الثقافة الفلسطينية نفسها تعاطت مع ذاتها على أنها إعلان على نسق قصيدة محمود درويش إياها “سجّل أنا عربي ورقم بطاقتي عشرون ألف”. وربما كان هذا الفعل طبيعيًا في مرحلة إثبات الوجود المغيّب أو الهوية المطموسة المستهدفة. وهو طبيعي في حدود الثقافة ذاتها التي تريد أن تستعيد معالمها وخواصها التي تلاشت مع النكبة والتهجير واللجوء. لكننا ندّعي أن هذه المرحلة طالت أكثر ممّا ينبغي وأنّ الثقافة هنا تغذّت من هويتها واستنفذتها حدّ التكرار المُملّ. فبدت القصائد متماثلة والقصص متشابهة ومواضيعها ذاتها وعناصرها ذاتها. يكرر المعنيّ لفظة “الزيتون مقرونة بـ”أرض الجليل” أو “فلسطين” فيصير شاعرا فذا وإن كانت معرفته بالشعر لا تتعدى حفظ بعض أدبيات من مرحلة المدرسة الثانوية. وهكذا في كل الحقول، تمدّد التكرار والتشابه في الثقافة الفلسطينية وإن تبدلت فيها الأيديولوجيا. وهو مشهد نصادفه إلى اليوم عبر مواقع وصحف تزخر بالمواد ذاتها وإن كان كتابها مختلفين. تقرأ المفردات ذاتها والادعاءات ذاتها والعناوين ذاتها. من هنا صحّت أحيانا انتقادات الثقافة العبرية لثقافتنا وجمودها وتشابهها وإن كنا نعتقد أنّ هناك ميْلا في الثقافة العبرية لتسطيحنا ورؤيتنا وفق “شابلونة” واحدة.

هنا تأتي ملاحظتنا أنّ الثقافة العبرية سعت إلى الهيمنة على الحيز الجغرافي واللغوي وما فيهما من بشر، فلم تنصف الثقافة العربية. وانحكم تعاملها مع ثقافة الفلسطينيين في إسرائيل إما على عدائية بنيوية أو نفي كولونيالي للأصلاني. من هنا، وقوع صورتنا في مرآتها مشوّهة تماما أو جزئيا. فالصراع القومي أنتج صراعا ثقافيا حول الفنية وحول الرواية والتاريخ والذاكرة وخانة الضحية والمكان. ونقرّ أنهم كدولة وسيادة حققوا التفوق كجزء من حراك ثقافة المنتصرين مقابل ثقافة المهزومين وبضمنهم الفلسطينيون في إسرائيل. هذا مع استثناءات قليلة تم التعامل فيها من أوساط يسارية راديكالية أو يهودية شرقية أو أكاديمية مع الثقافة الفلسطينية بنوع من التقدير والإنصاف في الترجمة والاستعراض والترويج والاستهلاك.

أخشى أننا سنجد أنفسنا مرة أخرى في حالة عودة التاريخ على أعقابه بشكل أكثر بؤسا فيجد جيل من المبدعين الفلسطينيين في إسرائيل ملاذه في الثقافة العبرية لأنها أوسع وأكثر أمنا له من ثقافته هو، كالمنافي الأوروبية لأجيال من المبدعين العرب!

من المفارقات التاريخية التي ما تزال تلازم الثقافة الفلسطينية في إسرائيل أنّ الحالة الوطنية التي سادت وأنتجت ثقافة التحدّي والممانعة والاستئناف هي ذاتها التي قمعت أصواتا مغايرة في الجماعة أو أقصتها أو أسكتتها تمامًا. ثقافة تطالب الثقافة العبرية بالحريات السياسية والمدنية وبالكرامة الإنسانية وبالانطلاق هي نفسها تمارس القمع داخليا وتصادر الحريات الفكرية والإبداع. حالة غبنت حق الفنية لصالح تفضيل الهوية وروح الجماعة ومصالحها المفترضة. باسم مواجهة السياسة الإسرائيلية نتج أدب رافع الرأس وقُمع أدب كان يُمكن أن يشكل تحديا فنيا راقيا أمام الثقافة العبرية. حالة من الازدواجية الأخلاقية أو من الأخلاقية المثقوبة. ثقافة تمارس التحدي نحو الخارج الثقافي وتقمعه في الداخل الثقافي. ثقافة واقعة في الشيزوفرينيا حتما. تصرخ كضحية -وهي كذلك فعلا- وتضرب بالسوط ضحاياها في فنائها الخلفيّ. كيان ثقافي يمارس في الصباح فعل البكاء وفي الليل فعل الجلد! ثقافة كانت ضحية القاهر وضحية ذاتها، أيضا.

أما سقف الوطنية هذا فلم يبقَ السقف الوحيد. فقد نُكب الفلسطينيون في إسرائيل في العقدين الأخيرين برقابة دينية وبقمع ديني يحاول حصر الثقافة في خطاب المدّ الإسلامي بموروثه وفتاواه وتجاربه- وهي ليست مشرقة حى الآن في أي من المواقع التي تسيّدت فيها!

الربيع العربي الذي تحول خريفا إسلاميا شكّل خلخلة للوضع الثقافي بين الفلسطينيين في إسرائيل. فقد كشف ذاك التوتّر بين قوتين ثقافيتين واضحتين من حيث الجيل ومن حيث الخطاب والإنتاج. قوة وثبت على فوحة الياسمين وما تبعثه في الروح من فرح وقوة انقضت على ما لاح من أمل وفخخته. قوة شابة بالأساس انتصرت للشعوب والتحرّر من الذات وإعاقاتها البنيوية وجيل من الدوغمائيين الأيديولوجيين من كل صنف ونوع متقادم انبرى يكتب بحنين إلى عروبة متخيلة -لم تكن أصلا- وإلى أنظمة مستقرّة على عفن وفساد.

مرة أخرى تتحرّك ثقافة بين قطبيْن. وهذه المرة بين مستقبل غير مضمون لكنه واعد وبين ماض أعطى للحضيض معنى جديدا! صحيح أنها مشاهد رسمها الحراك العربي العام لكنها مشاهد ترتسم بفعل قوى ثقافية داخل الجماعة الفلسطينية في إسرائيل. جيل شاب من المبدعين في الفكر والسياسة والفنون والأدب يحاول أن يُنتج الجماعة من جديد على نحو أكثر إشراقا وحضورا ووجودا واتصالا بذاته وبالعالم. جيل نتوقع أن يعاني في المرحلة المقبلة على المستوى الخارجي صدّا إسرائيليا يريد أن يتفرّد بالصورة الحضارية وعلى المستوى الداخلي غطرسة العالم العربي الذي سيُعيد إنتاج “أنماط” المقاطعة للفلسطينيين في إسرائيل بحجة عدم الرغبة بالتطبيع مع إسرائيل الدولة التي يحملون جواز سفرها. كأننا نحن الباحثون هنا عن أفق انتماء وفضاء حراك أبعد من شرطنا السياسي الإسرائيلي في ماهيّته نتحوّل إلى “موضوع” تطبيع في نظر ثقافة عربية ما أن أفلتت من قبضة العسكر أو العروبة المتبجّحة حتى سقطت أو تكاد في قبضة الأصولية ومقصّاتها. مثلما هو الوضع في العالم العربي الأوسع، تفكك و/أو تداع و/أو تصدّع في ثقافة تقادمت تتداعى الثقافة التقليدية للفلسطينيين في إسرائيل وتسقط كتلها على الأرض أو في الماء تعقبها بدايات ثقافة سمتها البارزة الحيوية المفعمة بأمل إنساني وبتطلع إلى ما هو أسمى من حريات ومضامين وأشكال وأنماط. قوة دفع واضحة في حضورها لكنها غير واضحة في مآلها لأنّ مكامن الخطر ما تزال قائمة. ففي الجماعة أوساط واسعة ما تزال ترى نفسها صدى لما هو في الجوار أو للسياسات الإسرائيلية. أوساط لا تتردد بالانقضاض على الثقافة الخارجة على كل الأطواق بدعوى أنها فوضوية أو أنها لا تعكس روح الجماعة. وأخشى أننا سنجد أنفسنا مرة أخرى في حالة عودة التاريخ على أعقابه بشكل أكثر بؤسا فيجد جيل من المبدعين الفلسطينيين في إسرائيل ملاذه في الثقافة العبرية لأنها أوسع وأكثر أمنا له من ثقافته هو (كالمنافي الأوروبية لأجيال من المبدعين العرب)! وتدلّنا الوقائع الآن على هذا الاتجاه واحتمالاته. فهناك رموز إبداعية فلسطينية في إسرائيل هجرت البلدة الفلسطينية والحيز الفلسطيني إلى المدينة العبرية لتُنتج هناك وتُبدع. إذ يبدو أنّ سقف المؤسسة الإسرائيلية أعلى بكثير في بعض مواضع الإبداع من سقف الثقافة الفلسطينية ذاتها.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>