اغضب فإن الأرض تـحنى رأسها للغاضبين/ منى العُمري

اغضب فإن الأرض تـحنى رأسها للغاضبين/ منى العُمري

يحاولون سحب أحدنا إلى الخلف ليَتم بعدها اعتقاله، سرعان ما يتحرك الشباب والصبايا كلهم باتجاهه يقومون بسحبه مرة أخرى إلى جهتهم، ويبدأ التزاحم، القوات الخاصة بأدواتها وقنابلها وخيولها، مقابل أجسادٍ تؤمن بفكرة أن أرضنا لن تضيع مرةً أخرى..

prawer

| منى العُمري |

 ينتهي يوم الغضب، يستنفر الجميع ويسأل متى الغضب القادم؟ في المظاهرة الجميع في المقدمة، مقابل أجسادنا ونظراتُ إصرارٍ قوية، تبعث إسرائيل وحداتها الخاصة كي تضرب وتعتقل وتفرق بالغاز.

تضرب القنبلة يصيح الجميع: “صوت صوت قنبلة صوت، محدش يخاف، محدش يرجع لورا” الشباب بجانب الصبايا يدفعون بكل قوتهم فقط ولا شيء آخر، القوات الخاصة التي تحصنت بدروع بلاستيكية ووقفت على طول الشارع، يتفقون على سحب أحدنا ينتظرون اقترابه من الصف الأول، يقوم اثنان من القوات الخاصة الهمجية بفتح درع البلاستيك، يحاولون سحب أحدنا إلى الخلف ليَتم بعدها اعتقاله، سرعان ما يتحرك الشباب والصبايا كلهم باتجاهه يقومون بسحبه مرة أخرى إلى جهتهم، ويبدأ التزاحم، القوات الخاصة بأدواتها وقنابلها وخيولها، مقابل أجسادٍ تؤمن بفكرة أن أرضنا لن تضيع مرةً أخرى.. ينجح الشباب والصبايا في استعادة الشخص “الذي تحاول القوات الخاصة اعتقاله” إلى صفوفهم ويتكرر المشهد مرة تلو الأخرى، وإن حدث وتم اعتقالُ أحدنا يلتف حوله المصورون، يوثقون الهمجية الإسرائيلية يسألونه عن اسمه ويذكرونه أنه بطل وسيخرج قريبا.. ويخرج قريبا ويعود لساحات النضال..

قنبلة صوت تنفجر بجانب قوات الشرطة، تضج المظاهرة بالضحك، الجميع يرفع يده عاليا ويصرخ “بوززز”، ربما كنا نرى هذه الأشياء أمورا صغيرة، لكنها تزعجهم بالفعل، ابتسامة أحدنا أثناء اعتقاله تزعجهم بالفعل، إجعلوها ضحكة عالية إذن. نظرة تحدٍ مستمرة من عين صبية جدعة في عين أحد وحوش الشرطة، تستمر…، فيتوقف الزمن لحظات، يعي هو ما أسخفه وما أسخف ما يرتديه وما أسخف دولته أمام هذه العيون القوية التي لا تخشى ولا تهاب، فيقرر أن يرهبها “فيدفشها” لكي تخشى، ولا تخشى، فيستوحش لأنه يتأكد بذلك أن برافر كما دولته لن تمر..

يصعد أحدهم على عامود الكهرباء يعلق العلم، الكل يصفر ويصفق للخطة، يستمر التصفيق، يغيظ قوات الشرطة فتنهال بقنابل الصوت، تضرب القنبلة على حشد كبير، تسقط على رأس أحدهم، يتفرق الحشد للحظات، يُخرج بعض الشباب الشخص المصاب يذهبون لإسعافه بسرعة، يلتئم الحشد خلال ثوان، تعود الصفوف إلى الزحام ولا أحد يخاف ولا أحد يخشى.. –

- نحن في الطريق الصحيح أليس كذلك؟!

 - نحن أبناء وطن محتل وهذا المشهد صحي جدا جدا..

لا أريد أن أسمع أحدا يتحدث عن رومانسيات الصف الأول.. من يستطيع التقدم للصف الأول فليفعل، علينا كلنا أن نكون في المقدمة.. لأننا نحن كلنا مُحتلون بنفس القدر.. صبية أو شاب نحن أبناء شعب محتل.. الجميع إلى المقدمة..

قنابل الغاز بدأت تنهال، الجميع يركض إلى عمق القرية، إحم ظهرك، تتوقف للحظة، تستنشق هواء بلادك، تفكر، حرقة في العين والقلب، الغاز المسيل للدموع ليس حقيقيا والذي ضربه باتجاهك ليس حقيقيا، ودولته ليست حقيقية.. ستزول وأنت الباقي.. تستدير، تعود إلى المواجهة، تنسى أن تتألم من ضربات الجند، تتذكر فقط أن روحك تتوق للحرية، وأنت تعلم أنك لو تحررت أنت، لأضفت فصلا كبيرا لتاريخ الأحرار والإنسانية كلها..

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>