الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس/ طارق إمام

مقطع من رواية بنفس العنوان، تصدر قريباً عن دار “العين” بالقاهرة • خاص بـ “قديتا”

الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس/ طارق إمام

.

|طارق إمام|

طارق إمام

أكتوبر 1932

يعبر الترام، يُدوِّم هديره داخل نادي مكابي، ويُهيأ لكلوديا أنّ الموائد ترتج.

تلصق وجهها بالزجاج، تودّ لو تتنفسه.

لو توقف شخصٌ على الجانب الآخر للزجاج، وأطلّ عليها، سيرى وجهها كما لو كان في مرآة مشوهة، أنفها أفطس، عيناها كأنهما تحدقان في ماء، وفمها مزموم بما يلائم فم سمكة. محاكاة ساخرة لوجه آخر، يعجز مرة بعد أخرى عن التعرف بنفسه، يفشل في التقاط ما ينطوي عليه من اكتمال: الأنف الدقيق المستقيم، الشفتان المكتنزتان لكن ليس إلى الحد الذي يتحول الفم به إلى غلظة، العينان الزرقاوان، لا تريان على البعد.

كأنّ كلوديا تهوى أن تنتقم من وجهها كلما سقط شخص في براثنه، على الفور، كدين ينبغي تسديده لحظة الحصول عليه.. وقد كان ضحايا هذا الوجه من رجال الصدفة (ونسائها بالأساس) كثيرين على الدوام، خاصة هنا، في مكابي، حيث يصير اليهود أنقياء أكثر، حتى لا يشكّ أيّ غريب دخل بطريق الخطأ، أنّ كلّ الجالسين أخوة.

الجميع هنا يهود فقط، حتى لو صرخت بأنها إيطالية، لن يستمع أحد. إذا أرادت أن تعلن عن أوروبيتها فلتقفز من مائدتها وتنطلق نحو كازينو سان ستيفانو. معها سيارة تثير الحسد (هل جلبتها من الغناء في الكازينوهات؟ ليست شهيرة بعد، أو بما يكفي، في هذه السن)، وسائق أسود (أخشاه  وأجزم أنني رأيته في أماكن عديدة وفي أزمنة مختلفة يتقمص أدوراً متنوعة حتى بدأت هي نفسها، الساخرة من هاجسي البدائي، تخشاه).

ينظر لها الرواد باستغراب، لكنها، في توحّدها، لا تعبأ.

تفكر أن اليهود في هذه المدينة ليسوا أكثر من جالية ريفية، ثرثارين ومتلصصين وبيوتهم مغلقة على أطعمتها وروائحها ونقائها المفتعل (الشاعر قال ذلك، أو عبر عنه، في قصيدة ما).

تبتعد قليلاً عن الزجاج المغبش، ليس لأنّ النادل انحنى أمامها فجأة وهو يضع القهوة السوداء على طاولتها، لكن لتطلق جوفها كثيفاً بامتداد صحراء النافذة الشفافة، تظللها بسحابات زفيرها الممطرة، كأنها تريد أن تمنح نافذتها لوناً قادماً من أعماقها، تمدها بعتمة تفتقدها في هذا الصباح الشتوي، تحُول بين أي متلصص وبين قبحها الطارئ الذي صارت تجيد تسويته على مهل.

تفكر أيضاً في أنفاسها. ما الذي تقوى عليه تلك الأنفاس، التي تود لو تتشممها؟. تريد أن تعرف أيّ رائحة خاصة ينطوي عليها الهواء الذي يغادر أنفها وفمها، يودِّعها في موجات متلاحقة ملايين المرات كل يوم، لتستقبل غيره. عملية استقبال ووداع مجنونة لا يفكر أحد في ألمها، فيما تنطوي عليه من فجيعةِ فقدٍ متلاحق. ما يحدث كل يوم، يقع وكأنه لا يقع، يُنسى قبل حتى أن يصير ذكرى.

تعتقد أن الهواء الذي يغادرها له رائحة حلوى وقهوة مُرة ودخان ونبيذ، لكنه لا يحمل رائحة شخصٍ آخر، رغم أنّ هواء كثيرين عَبَر رئتيها، تجوَّل بين عظامها، وبالتأكيد خرجت مخلفاته مع أنفاسها.

أنين الترام مرة أخرى، وصدمة الضّوء السّريعة، الزلزلة والرجفة كأن حياةً تولد فوق هذين القضيبين، بينما يشق الجسدُ المتمددُ الهواءَ كمن يصنع جرحاً في الوجود، فتقاً لابدّ منه كي يعبر. المصريون يسمونه “الكهربا”، يخشونه مثلما يخشون السّيارات والأجانب وكل شيء. تنتفض كلوديا لكن من دون أن تفقد ثباتها، وجفة عابرة تعبر قفاها وتزول.

تمدّ يدها لحقيبتها النائمة، تغوص كأنها تشق بئراً، وتَخرج من عتمة الحيوان الجلديّ المعبأة بالروائح بكتيب صغير. أربع عشرة قصيدة، قسطنطين ب. كفافيس. كاد الدّيوان النحيل أن يهترئ، لكن لا بأس، طالما لم تختفِ الكلمات بعد. تغيب من جديد. تطالع هوامشها، تفكر بأنّ عدد الكلمات التي كتبتها أكثر من عدد الكلمات في الكتاب. لا فراغ، لا بقعة خالية، وقد استبدلت كل ضمائر الشاعر وذواته بـ “أنا”، شطبت بسلاسة ووضعت ذاتها، وبهذه الطريقة اكتشفت، بحسرة، أنها من كان يجب أن يكتب هذه القصائد. كم عاماً صحبها؟ كم انتظرت لتجد لنفس الشبح كتيباً جديداً (صرخت، تقريباً، وهي تطالعه، لأنها وجدت القصائد الأربعة عشر تحدق فيها من جديد، أضاف لها اثنتي عشر قصيدة جديدة، أعادت هي الزجّ بنفسها فيها، أزاحته ووضعت “أنا” جديدة متكررة، وظلت تنتظر، ما تزال تنتظر). يد المراهقة، (يدها مضافاً إليها الزمن) تراها الآن، تستعيد ما فعلت قبل سنوات طويلة، غير أنّ اليد ظلت تكبر في كتابه، حتى أنها فكرت كثيراً أن ذلك الكتيب المهترئ هو تاريخها المقروء.

عندما اقتربتُ، وصلتني ظلال شبحها الذي يدخّن بعصبية، ورِقة.

أرى ظل ّكلوديا دائماً قبل أن تتجسّد في عيني، أستشعر طيفها الذي بلا أبعاد قبل أن يتوحش في جسدها.

نزعت عينيها من الكتاب، أوقفت يدها التي تبحث عن أيّ مساحة خالية كي تكتب، وكأنّ حضوري أحبطها فجأة.

تصافحنا ببرود، بتحضّر، بابتسامتيْن ودودتيْن، وبما يليق بعاشقيْن مريضيْن.

تستعدّ لإعادة لعبة قديمة، عرض، نهائيّ هذه المرة كأنه نهاية الحياة نفسها، تجسد دور أمه، والشخص الذي سيؤدي دوره موجود، رجل محترق، لا جدوى من البحث عن وجهه. وعليَّ أن أساعدها، تريد فستاناً حقيقياً لخاريكليا، واحدة من بذلاته، وملابس نوم، شموعاً حقيقية من بيته (لو أمكن)، وقصائد جديدة، لم يقرأها أحد بعد، لا مانع لو كانت غير مكتملة (مبتورة، مشوهة، مبتسرة).

“لقد كان عشيقاً له، مثلك بالضبط، لكنه احترق، هو أحرقه، لكنه لا يمانع في إعادة اللعبة الآن، بعد ما يقرب من خمسة وعشرين عاماً، أصبح في الخمسين، وأنا في الثامنة والأربعين، أصلح الآن لدور أم أكثر من أيّ وقت مضى، وفوق ذلك، عوضاً عن كل الأطفال المحتملين الذين ظلوا محتبسين بداخلي، وهو لن يخسر شيئاً، أصبح يضحك الآن، سأحترق ثانية؟ سأموت؟؟ إنني أنتظر الموت ولا يأتي”.

لماذا علي أن أنصاع؟ من أجل امرأة منسية؟ عشيق محترق، وكأنه تكفير نهائيّ؟ لا أعرف، لكنني أغوص في اللعبة، أقدّم لها في كل لقاء شيئاً واحداً من كلّ ما طلبت، أضمن أن ينتهي اللقاء باتفاق جديد على موعد. لم أقدم لها حتى الآن ما يمكن أن تنظر إليه كصيد، فقط، قلم، مرآة صغيرة، ساعة يد صدئة. أنصاع من أجل قصة صغيرة عنه، أجمع تفاصيلها بأناة من شذرات حكاية محترقة، بنفس الطريقة التي تجمع بها أشياءه بصبر، محتملةً مكري. في كل مرة تمدّني بندفة من القصة مقابل ندفة من أشيائه (مقايضة غير متفق عليها، غير أنها تمضي في إيقاع متفق عليه، كأنما تعرف أنني بحاجة للم شذرات قصة كأشلاء زجاج مكسور).

“يبدو أنّ بيته يروق لك أكثر مما تصوّرت”.

قالتها قبل حتى أن أجلس. تمنحني رأس موضوع مباشر، لتُوجه الحديث حتى النهاية في النقطة التي اختارتها، وحسمتها قبل أن تغادر البيت، مثلما حسمت تصفيفة شعرها والفستان الذي سترتديه.

“ومن الواضح أيضا أنك تضاجعه كل يوم.. لقد نحلت كثيراً.. يقولون إنه يمصّ دم الرجال!”.

عفويةُ كل من شاخوا قبل موعدهم، كأنني طفلها الذي عليها أن توبخه.

كنت أريد أن أقول لها إن الشيء الوحيد الذي أعرفه، أنني انفصلت عن الواقع، وأن حياتي لن تعود أبدًا كما كانت.

تشعل سيجارة جديدة، بتوتر، رغم ابتسامتها الساخرة التي تجعل فمها يتكوم في ركن.

(طلبت مقابلتي فور عودتنا من أثينا، قالت لي لو كان ديمتري يملك وجهاً الآن لأمكنك أن تعرف مستقبل وجهك، قالت سأريك وجهه القديم في صورة، شريطة أن تعدني ألا تقع في مكانك، قالت إن الشاعر إذن يملك وجهاً يضعه لجميع عشاقه).

تتماسك من جديد. ربما تريد أن تبدو أقلّ عدوانية.

(في أقل من شهر، التقينا أكثر من خمس مرات، أي ولع؟).

“كيف تبدو الحياة في بيته؟ هل حقاً يعيش في العتمة الآن؟ لم يكن هكذا قبل خمس وعشرين سنة”.

تملك أسطورة صغيرة عنه. شاعر، في التاسعة والسّتين (تجاوزها، الأدق: شاعر في طريقه للسّبعين).

“إنه يتحرك، حتى وهو داخل الشقة، كما لو كان مراقباً من شخص ما، لا يكفّ عن التلفت حوله.”

بحركة لا إراديّة تتلفت كلوديا خلفها، وتطلّ طويلاً عبر الزجاج، ثم تجوس بعينيها في السقف والحوائط. أعرف أنّ أسوأ ما يمكن أن تتألم به امرأة حُرّة، أن تشعر بأنها مُراقَبة، لكني فقط أردت أن أبرر لها فقر صيدي في كل مرة، لا أستطيع أن أسرق كل ما تريدين مرة واحدة.

تحدق كلوديا مرتعبة. ربما تريد أن تسألني إن كنت أقول الحقيقة أم أهذي، غير أنها ربما تشعر بسوقية ذلك.

رأيت أثر شفتيها على الزجاج، قانيتين، مكتملتين، عكس الشفتين اللتين كانتا ترتعشان فوق مبسم السيجارة الرفيع. اسمها أيضاً محفور في ضباب الزجاج الهش، ناصعاً وجلياً كما لم أره على أيّ ورقة بيضاء، وربما كما لم ينطقه شخص.

كم من الحيوات تركتها كلوديا على السطوح الملساء؟ 

صمتنا فجأة، وبدا ذلك ملائماً تماما لمكابي، الذي أشعر فيه أنني في قبو مزدحم بأشخاص مختبئين. لم أر أبداً في هذا المكان شخصاً مفرود الظهر على كرسيه. كلهم محنيون ومائلون بجذوعهم للأمام، وبمعجزة ما، كان الجميع يتحدثون من دون أن يصدر عنهم أي صوت. الأسقف العالية، التي تتدلى منها ثريات كُمِّثرية ثقيلة، تَعِد المتطلع إليها بأمان ما، وكأنها اتقت شرّ السّماء للأبد.. والجدران التي تخترقها الأعمدة في بروزات مفاجئة، باللونيْن البنيّ والأخضر، توحي بألفة عتيقة، صنعها المذاق الباهت للألوان، والذي كان بالنسبة لشخص مشوّش أو ثمل كافياً ليُحيل المكان إلى حديقة اقتلعت شجيراتها وظلت تحتفظ بألوان ذكراها مع ذلك.

يبدو أنّ الصّمت سمح لها باستجماع ما تبغي أن تقول، ونقله بهمس مرتجف لكن متزن، وبصياغة خاصّة كانت كلوديا تحرص عليها، حتى إنني أطلقت عليها لقب “المرأة التي تتكلم عوضاً عن أن تكتب”.

“.. لن يسمح بذلك.. لن يريده.. لكنني سأفعل.. أرى على الدوام ظله حتى أنني لم أعد بحاجة لرؤية جسده.. إنه يبحث عن عشيقه المحترق.. بعد كل تلك الأعوام ما يزال يبحث.. ويثق أنني الشخص الوحيد الذي يعرف طريقه”.

يعبر ترام جديد، وتمسك بأجمة شعرها، فتبدو لي مثيرة أكثر.

“عربات الترام هذه في كل زاوية هنا.. حشرات متطفلة.. صفراء وزرقاء.. هذين اللونين المقبضين.. عندما مات أبي نُقِل جثمانه في عربة ترام، تلك السوداء التي كانت تلحق بالترام لنقل الموتى.. بلون أسود، دون أبواب أو نوافذ.. لقد كان ذلك أقسى ما في موته..”

كلما جلست مع كلوديا تبدي تأففها من الترام، وتربطه بكل متاعبها، كأنه يسير في دماغها.

“إنه مقبرة.. بطيء ومترنح ويترك فيك شعوراً غير مبرر بالإحباط واللامبالاة.. كنت أستقله مع صديقة في مراهقتي بإصرار منها.. كانت تجيد اصطياد السحاقيات من المصريات فيه.. أقف على مبعدة وأراقبها وهي تقترب من فريستها.. ثم تتهامسان.. ونغادره وقد صرنا ثلاثة.. المصريات سخنات لكنهن يفتقرن للنظافة وهناك رائحة ما في أفواههن يستحيل محوها..”

تشرد قليلاً.. في الثامنة والأربعين الآن، لا يمكن لأحد أن يخمّن عمرها، وتستعد لإعادة دور وحيد عرفته حياتها.

سأغير هذا المكان.. يهود متطفلون في الداخل وعربات ترام في الخارج تشعرك بأنك تهتزّ معها.. وفوق كل ذلك مشروبات تتأخر في المجيء وتكون في الغالب سيئة وباهظة الثمن.. أي تعذيب أمارسه على نفسي.. لنتقابل في كازينو سان ستيفانو بعد ذلك..”

كلما جلسنا في مكان، تخبرني كلوديا باسم مكان آخر تراه أفضل. رغبة متكررة ظاهرها الضّجر وباطنها الإفلات من شخص ما تتأكد من أنه يراقبها، وترى شبحه عبر الزجاج. له ملامح الشاعر، في الأحلام ترى ملاحقته، يريد أن يخطف نسخة ديوانه التي أتلفتها، غاضباً من سطوها على قصائده بوضع نفسها في مكانه، لكنها تركض في كلّ مرة، فلو نجح في انتزاع كتابه لن يتبقى لها شيء، ستموت في مكانها، لكنها في الواقع تعرف أنها لن تستيقظ، لن ينتهي أيّ شيء بانفراج مفاجئ للعينين.

مرتبكة تماماً الآن، حتى أنها تشعل سيجارة جديدة وهي ممسكة بالأخرى. عندما رأيتها لآخر مرة كانت تبدو متماسكة، وحدستُ أنها في أفضل أحوالها منذ عرفتها.. لكنها كلوديا.. موجة البحر العاتية التي لا يمكنك التنبؤ بما ستكون عليه بعد دقيقة. تتجوّل في أرجاء المكان. تستدعي طفولة شاحبة رغم الضوء الساطع لذكراها.

“كنت آتي هنا وأنا طفلة، مع أبي. كان كهربائياً.. ككل الإيطاليين في الإسكندرية..” تضحك… “كانوا يطلبونه ليعد الأنوار للحفلات.. يرسله اليهودي فيكتور.. يأتي من المحل في محطة الرمل.. وأحياناً كان يمرّ على البيت ليصحبني معه.. أخرج من الأزاريطة فأصير فجأة خارج إيطاليا.. بمجرد أن يدخل هنا يفقد قوته.. يتلقى التوبيخ فقط.. لماذا تأخرت؟ هل جئت مشياً كالعادة؟ ولماذا لم تستقل ترام بـ “نص افرنك”.. يُصلح النور.. يوصل الأسلاك.. وذات مرة سمح لنا اليهود بأن نتفرّج على حفل.. ورأينا المطربين القادمين من أوروبا..”.

تمنحني تعريفاً جديدا لنفسها، كأننا نتقابل لأول مرة. بارعة كلوديا في إيصال رسائل متتالية، مفادها أنني سأبقى شخصاً غريباً.

لا تستطردُ، تتأملُ لوحة في ركن.

تبدو محبطة، لكن بوجدان أقرب للتسليم. قصائدها التي تنتظر بعثرة الضمائر، ما تزال بحوزة شخص آخر، لا يملك فضلاً فيها إلا أنه يكتبها.

تنظر في ساعة يدها، تقطب حاجبيها وتنظر إليَّ متسائلة كأنني أملك إجابة على تساؤل لا يعرفه شخص سواها.

دون مقدمات، ومثلما تفعل كل مرة، تنهض بسرعة، فزعة، وجلة، كأنها تخشى أن تتأخر عن موعد موتها.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>