حصار اليرموك: 125 قتيلاً بسبب الجوع!/ فلسطين إسماعيل

حصار اليرموك: 125 قتيلاً بسبب الجوع!/ فلسطين إسماعيل

مقابلة خاصّة مع وسام سباعنة، من مخيم اليرموك، رئيس مؤسّسة جفرا للإغاثة والتنمية الشبابيّة * مخيم اليرموك عالق بين الجيش الحرّ وجيش الأسد، والنظام لا يسمح بإدخال الأدوية للأطفال والمُسنّين. هناك نساء حوامل ماتت أجنّتهم في بطونهم ولا يمكن إجراء عمليات لإخراجها!

باسم سباعنة. تصوير قتادة أبو يونس

وسام سباعنة. تصوير قتادة أبو يونس

.

|فلسطين إسماعيل|

فلسطين إسماعيل

فلسطين إسماعيل

ولد وسام سباعنة في العاصمة السورية دمشق، وتحديدًا في مخيم اليرموك، لعائلة فلسطينية لاجئة تعود جذورها إلى جنين. يبلغ من العمر 33 عامًا، متزوج وله طفلان، وهو رئيس مؤسّسة جفرا للإغاثة والتنمية الشبابيّة. في زيارتة الأخيرة إلى كوبنهاجن أجريت معه هذه المقابلة.

- أرجو أن تطلعنا على طبيعة عملك؟

سباعنة: “أعمل في مؤسسة “جفرا” للإغاثة والتنمية الشبابية، والتي تركز عملها في موضوع الاغاثة للمخيمات الفلسطينية في سورية حصرًا. بدأت المؤسسة عملها في مخيم اليرموك عام 2002، وكان تخصّصها الحوار الثقافي وبناء القدرات للشباب الفلسطيني في المخيمات، لكن بعد الأحداث التي حصلت في سورية وطبيعة الظروف التي نعيشها في المخيم، أضافت المؤسسة إلى عملها جانب الاغاثة.”

- ماذا تفعل في في الدانمرك؟

“كنت قبل الدانمرك في جينف وقبلها في شمال تركيا، حيث قمنا بتدريب الشباب.”

- تدريب على ماذا؟

“تدريب على العلاج النفسيّ، لعملهم، كما جمعنا معلومات عن مناطق مثل حلب ودير الزور والرقة. بعد ذلك وصلت إلى جنيف وكانت لدي كلمة في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة عن موضوع الأطفال في سورية، وبالذات الأطفال الفلسطينيّين، ووضعهم في المخيمات الفلسطينية. بعد ذلك وصلت إلى الدانمرك للحديث عن دور الاعلام في سورية وكيف يتم العمل الاعلامي في ظل الاوضاع الحالية.”

- وضع الاعلام في سورية عامة؟

“لا، أنا جئت للحديث عن مخيم اليرموك تحديدًا.”

- ما هي خصوصية وضع الاعلام في مخيم اليرموك؟

“أنا برأيي حصلت تجربة فريدة من نوعها في سورية والعالم، وذلك كيف تم العمل إعلاميًا في مخيم اليرموك من طرف الشباب الناشطين في المخيم، واعتقد انه من المهم مشاركة الجميع بهذا التجربة. كنا نقول إنّ التجربة التي حصلت في اليرموك وكيف تم العمل على موضوع نقل صورة المخيم من قبل الناشطين في مخيم اليرموك ومن خارج المخيم ومن أوروبا، وأغلب الذين ساعدونا من الفلسطينيّين، والحملات التي أقيمت من أجل المخيم برأيي يجب ان تتشارك مع الجميع، وليس فقط مع السوريين، بل وأيضا مع مخيماتنا الاخرى والضفة أيضًا، مع ان لديهم خبرة ولكن حسب الادوات التي كانت موجودة عندنا والعمل الذي قمنا به- فهذه تجربة مميزة بحدّ ذاتها. فالآن، أينما أذهب في سورية او اتحدث مع اي شخص او حتى عبر السكايب، أول سؤال يسألونني إياه هو عن وضع مخيم اليرموك، برغم أنّ مخيم اليرموك هو جزء صغير من سورية وهنالك مناطق أخرى حصلت فيها امور اصعب ممّا حصل في المخيم مثل البراميل في حلب، ومثل داريا ووضع الغوطة.”

- ما هي المساعدات التي تحتاجونها في المخيم؟

“أتذكر أنه عندما بدأ حصار اليرموك وبدأت الحملة وصلتنا الكثير من الاتصالات والمراسلات يسألوننا عمّا تريدونه في اليرموك. وكان جوابنا: نريد التحشيد وإيصال ما يحدث في اليرموك إلى العالم، ولا نريد النقود. وللآن نتحدث بهذه الطريقة؛ الأهم بالنسبة لنا كان ان نصل إلى هذه المرحلة التي يعرف فيها الناس ما يحدث في اليرموك وان تكون متابعة دقيقة لما يحدث. الوضع الانساني في المخيم والذي نشر عنه هو المشكلة الاساسية للمخيم، ويتمثل بإدخال الطعام لليرموك أكثر من إدخال النقود، نحن وجهنا رسالة إلى الجميع بأنّ اليرموك شبعان كرامة وليس بحاجة إلى سلال غذائية. نحن بحاجة لأن ندخل سلالنا وأن نستطيع الخروج لشراء أغراضنا.”

- أريد أن أسألك في موضوع الحصار.. أنتم كنتم تعرفون ان شيئا من هذا القبيل سيحصل، فهل حضرتم أنفسكم لهذا السيناريو؟

“بشكل عام نحن كنا جاهزين، وكنا نتوقع ان يصمد المخيم سنتين بدون حاجة إلى أيّ شيء من الخارج، من ناحية الدواء ومن ناحية الديزل للكهرباء ومن ناحية الأكل أيضًا. ولكنّ ما حصل على الارض أنه وخلال الشهر الأول من دخول الجيش الحرّ، وبداية المشاكل في مخيم اليرموك، سحب جزء كبير من التجار والأهالي الموادّ الموجودة، والمشكلة الاخرى الكبيرة تمثلت ايضا في أنّ بعض المليشيات التابعة للمناطق المجاورة سرقت الكثير من المواد الطبيّة والغذائيّة والديزل خلال الاحداث والاشتباكات التي كانت دائرة.”

النظام السوري قال نحن نحبّ فلسطين ونقاتل من أجل فلسطين، وبنفس الوقت هناك ما يقارب 3,000 معتقل فلسطينيّ في سجون النظام السوريّ. هناك إعدامات ميدانية لناشطين فلسطينيين، إلى جانب ما حدث في مخيم اليرموك من الوحشية والحصار والموت جوعًا

- من هي هذه المجموعات التي تحارب في المخيم؟

“خلال الايام الطبيعية قبل المفاوضات مع النظام كانت هناك الجهات الفلسطينية، جهتان فلسطينيتان تقاتلان في اليرموك والباقي من السوريين من الجيش السوريّ الحر. كتائب من المناطق المجاورة للمخيم من الحجر الاسود ومن التضامن ومنهم كتائب اسلامية مثل النصرة.”

- هل كانوا يقاتلون بعضهم البعض؟

“لا، كانوا يقاتلون النظام.”

- من قلب المخيم؟

“نعم، من قلب المخيم، لكننا قمنا بطرد كتائب الحجر الأسود التي كانت  تمارس ممارسات غير أخلاقية داخل المخيم، وهم كتائب سورية كانوا يشكلون عصابة ولم يكونوا من الجيش الحرّ، والآن انشقوا وأصبحوا يقاتلون مع النظام. النظام طرح بعد ذلك أنه إذا سحبتم كافة الكتائب السوريّة من مخيم اليرموك وبقي الفلسطينيون فقط، فمن الممكن أن نفتح الطريق إلى اليرموك لإدخال مواد غذائية. وتم هذا الشيء وانسحبت جبهة النصرة وانسحبت الكتائب السورية، ولكن بعد ثلاثة أسابيع من عدم إيفاء النظام بوعده بإدخال المواد الغذائيّة، رجعت الكتائب السوريّة إلى المخيم، لأنهم قالوا: نحن انسحبنا لثلاثة أسابيع ولم تدخل مواد غذائية ولم تفتح الطريق، لذلك سنرجع لنحارب، وهذا هو الوضع الآن على الارض في مخيم اليرموك. هناك كتائب سورية تحارب بالإضافة إلى الفلسطينيّين.”

- وأنتم، هل تحاربون؟

“نحن مجموعات إغاثة وإعلام، وليست لنا علاقة بالعسكر.”

35,000 أم 18,000؟

مخيم اليرموك. "الفصائل الفلسطينية هربت"

مخيم اليرموك. “الفصائل الفلسطينية هربت”

- سكان المخيم، أين هم؟

“هناك 35,000 مدنيّ ما يزالون في مخيم اليرموك، وهذا هو العدد الذي سجلناه حسب تسجيل العائلات الذي وزعناه للسلال الغذائية، وحسب عدد الطلاب فلدينا 5,000 طالب مسجل في المدارس البديلة، كما سجلنا 1,500 طفل ولدوا تحت الحصار خلال السنة الماضية، بالإضافة إلى المصابين، ونحو 5,000 نازح دخل إلى المخيم في الاشهر الأربعة الماضية من المناطق المجاورة التي دخلها النظام السوريّ، فأخلى هؤلاء الناس بيوتهم ودخلوا إلى المخيم، وبذلك أصبحوا جزءًا من المدنيّين الموجودين في المخيم.”

- وهذه الأرقام متفق عليها رسميًّا؟

“لا، الرقم الرسمي للدولة يقول إنه لدينا 18,000 مدني في مخيم اليرموك، ويدّعون أنّ هذا هو الرقم الدقيق. نحن أجرينا إحصائية وسجلنا العائلات وكانت لدينا 12,000 عائلة.”

- كيف تتعاملون مع موضوع عدم الدقة في المعلومات؟

“نحن نحاول إقناع العالم بأنّ المعلومات التي لدينا هي المعلومات الدقيقة حول عدد المدنيين في المخيم.”

- كيف تقومون بذلك؟

“نوصل المعلومات والأرقام إلى الجرائد وإلى الذين يقومون بالدراسات والذين يُعدّون التقارير عن مخيم اليرموك.”

- كيف تصلون إليهم؟ هل يأتون إلى المخيم أم تذهبون اليهم؟

“عن طريق الإنترنت. يتواصلون معنا ونحن نعطيهم الأرقام الموجودة والمعلومات.”

- ماذا عن بقيّة سكان المخيم، أين هم الآن؟

“البقية نزحوا للمناطق في دمشق بسبب الأوضاع. هناك 50,000 فلسطينيّ دخلوا إلى لبنان، والباقي نزحوا إلى مخيّمات أخرى أو مناطق في سورية آمنه أكثر مثل قدسيا.”

جنين ميت في بطن أمّه

- أودّ أن أسأل عن موقفكم من النظام السوريّ. فالكثير يقولون إنّ النظام السوري والاسد دعموا الفلسطينيين، ما هو موقفكم من هذا الموضوع؟

“نحن لدينا مقولة شهيرة، وهي أنّ كلّ العرب يحبّون فلسطين وكل العرب يكرهون فلسطين.”

- فسّرها؟

“عندما نتحدث مثلا عن الاردن أو لبنان أو ليبيا أو العراق أو الخليج، ففلسطين هي قضيتهم، ولكنهم على الأرض يكرهون الفلسطينيين. النظام السوري قال نحن نحبّ فلسطين ونقاتل من اجل فلسطين وبنفس الوقت هناك ما يقارب 3,000 معتقل فلسطينيّ في سجون النظام السوريّ. هناك إعدامات ميدانية لناشطين فلسطينيين، إلى جانب ما حدث في مخيم اليرموك من الوحشية والحصار والموت جوعًا. حتى لبنان منعت دخول الفلسطينيين من سورية إليها، وهي كانت آخر دولة من الممكن للفلسطينيّ السوريّ أن يلتجئ لها والآن أغلقوا الطريق. نتيجة لهذا فإنّ الفلسطينيين في سورية محبوسون فيها، في مخيم اليرموك والأماكن الأخرى.”

- لتوضيح الصورة عن المخيم الآن، هذا يعني ان النظام السوري محاصر للمخيم؟ وماذا عن المواد الغذائية؟

“النظام السوري يحاصر المخيم ولا شيء يدخل أو يخرج منه.”

هناك 9,000 عائلة في قدسيا، إحدى المناطق التي نزح اليها الناس من المخيم، حيث يتعرّضون إلى التمييز وليس لديهم نقود لاستئجار البيوت، وحصل انتشار للدعارة ولظواهر سلبية كثيرة بسبب الجوع

- وتفسيره بأنّ هناك مجموعات مسلحة تحارب النظام داخل المخيم؟

“بالضبط. هذه المجموعات التي تحدثنا عنها والتي انسحبت ومن ثم رجعت بعد أن نكث النظام بوعده. ليست لدينا صورة واضحة عن العدد.. ألف أو ألفان، المشكلة ليست هنا؛ المشكلة بأننا نقول للنظام وللكتائب، أدخلوا فقط أدوية الأطفال والكبار، مثل أدوية السكري وضغط الدم، ثانيًا اسمحوا بإخراج الحالات المريضة، هناك نساء حوامل ونساء مات جنينها في بطنها وإلى الآن لا نستطيع إجراء عمليات لهن، وأصابها تعفن لأنّ الجنين ميت من شهرين وثلاثة أشهر. هناك حالات إنسانية يجب أن تخرج من المخيم، أطفال لديهم فحوصات، وكلّ هذه الحالات لا يجود تعاون معنا على إخراجها. هناك حرب والمخيم جزء من سورية ومن هذه الحرب، لكن على الاطراف التعامل بإنسانيّة قليلا، أن يكونوا مقاتلين يحترمون القانون الدوليّ في الحرب والقتال.”

- أنت انتميت في السابق إلى إحدى الحركات الفلسطينية، صحيح؟

“نعم، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتركتها، لأننا لم نعد نشعر بأنّ تهتم بالناس الموجودين في سورية أو الشعب الفلسطيني بشكل عام. كنا نتوقع من فصائلنا الفلسطينيّة مجتمعة عند حصول مشكلة من هذا النوع في منطقة مثل سورية، وبالذات لأن لديهم علاقات قوية مع النظام السوريّ، أن يحاولوا على الأقلّ أن يكونوا موجودين بين شعبهم وأن يقدّموا الخدمات له، لا أن يهربوا من مخيم اليرموك الذي كان عاصمتهم وكانوا محتمين فيه أصلا، ومكاتبهم الأساسية كلها كانت فيه. لكن وبعد أول ضربة قذيفة لم نعد نجد تنظيمًا فلسطينيًّا واحدًا في مخيم اليرموك من قيادات وأشخاص..”

- يعني ليس فقط الجبهة الشعبية تركت؟

“لا، ليس الجبهة الشعبية وحدها، كلهم هربوا، أخلوا المكاتب وهربوا وتركوا الشعبه وحده. نحن استيقظنا في الصباح وذهبنا إلى المكاتب كي نرى ما يجب فعله، ووجدنا المكاتب مغلقة، لذا اضطررنا لتشكيل بديل لهذه للفصائل.”

خط دمشق-اليرموك

- لنتحدّث عن موضوع آخر أثرته سابقا. أنت قلت إنكم توصلون المعلومات إلى العالم عن مخيم اليرموك بواسطة الانترنت. موضوع الانترنت هذا لا أفهمه، لأنّ النظام يستطيع بكل سهولة وقف الانترنت، وأن يمنعكم من استخدام الفيسبوك والوسائل الأخرى…

“السبب الرئيسيّ هو أنّ خط الهاتف الأرضيّ الذي يزوّد نصف دمشق بالهاتف والانترنت موجود في مخيم اليرموك. وإذا قام النظام بضربه فلن يعود بامكان نصف دمشق استخدام الانترنت والهاتف. ونحن نعرف أنّ همّ النظام الأساسيّ من بداية الاحداث كان إقناع الكل بأنه ما تزال هناك دولة وما تزال خدمات وفواتير. بالإضافة إلى ذلك، أعتقد أنّ النظام نفسه يستخدم هذه المعلومات.”

- يستخدمها ضدكم؟

“نعم.”

- ماذا عن المعارضة؟ هل يحاربونكم هم أيضًا معلوماتيا؟

“هناك نقطة هامة… من البداية قلنا إنّ الفلسطينيين لن يكونوا مع النظام أو ضدّ النظام، نحن سنكون متعاطفين مع الشعب السوريّ وسنقدّم الخدمات التي نقدر عليها، ولكن في نفس الوقت لن نحارب النظام، لن نحمل السلاح ونحارب. وهذا الموقف يجعل المعارضة أحيانًا تشعر بأنه لا مكان لكم بيننا لانكم تقفون موقف الحياد.”

- وما هو سبب هذا الحياد؟

“لأننا كنا نخشى من حصول شيء كهذا في مخيم اليرموك، ولأننا نعرف أنّنا الحلقة الأضعف، وهذا ما حصل لنا، سواءً أتدخّلنا أم حصل “تدخيل” للمخيم ودخول ميليشيا إليه.. أنظري ماذا حلّ بالمخيم وما حلّ بالشعب الفلسطينيّ! ونحن برأينا أنّ “اليرموك” كان يحوي أكبر عدد للفلسطينيين الممثلين سياسيًا ولهم عمق وطنيّ موجود في سورية، والآن قد ضُرب. همّنا الاساسيّ كان كنازحين ولاجئين فلسطينيين هو فلسطين.”

- كم كان العدد الكلي لسكان للمخيم قبل الاحداث؟

“نحو 700,000 شخص، منهم 250,000 فلسطينيّ والباقي من السوريّين. والآن هناك 50,000 نازح في لبنان ومن 20,000 إلى 30,000 هربوا إلى أوروبا، وهناك من هرب إلى مصر ومناطق أخرى.”

- إعلاميًا من الملاحظ -حتى في الاعلام الغربيّ- أنّ ما يحصل في مخيم اليرموك اختفى عن الساحة، ولكن عندما يتم الحديث عن سورية يأخذ مخيم اليرموك حيزًا إعلاميًّا أكبر من مناطق اخرى قد تكون متضرّرة أكثر من المخيم. سؤالي هو عن عددكم، كم شخصًا يعمل في المؤسّسة؟

“يمكن أن تضحكي، ولكننا نحو 15 ناشطًا يشتغلون في الإعلام، وهناك شخص يعمل من أمريكا وآخر من منطقة أخرى، والبقية موجودون على الأرض لجمع المعلومات والتصوير.”

- كيف تقومون بالتنسيق فيما بينكم، من يقرر ما هي الاخبار التي ستنشر وتوقيتها؟ لقد لاحظنا أيضًا أنّ التوقيت لعب دورًا هامًّا في التعريف بأوضاع المخيم..

“حاولنا مثلا ألا نتحدث عن اليرموك، إذا كان هناك مؤتمر كمؤتمر جنيف مثلا، أو إذا اردنا ان يتحدث المؤتمر عن مخيم اليرموك فنقوم بإرسال اخبار حول الوضع والجوع مثلا. طبعا كنا نستخدم التوقيت، فحين تحصل قصة هامّة في العالم نؤجل أخبارًا معيّنة حتى يهدأ الوضع.”

- من اين لكم هذه المهنية، فنحن لا نرى هذه المهنية لدى ناشطين آخرين في ارجاء سورية الا نادرا؟

“هذا الموضوع ليس جديدًا علينا، لذلك عندما بدأت الاحداث كنا جاهزين. كنا نشتغل مع الاعلام والتدريب وتنمية القدرات، وهذا الموضوع ساعدنا ولم يفاجئنا إعلاميا.”

- ما هي تقديراتكم لعدد الاطفال والاشخاص الذين استشهدوا بسبب قلة الغذاء والجوع؟

“إلى الآن 125 شخصًا.”

إلى أين؟

- هل انت متفائل برفع الحصار عن المخيم قريبا؟

“المشكلة ليست في رفع الحصار عن المخيم فقط، المشكلة إلى أين نحن ذاهبون؟ لو رُفع الحصار الآن عن المخيم وبعد شهر حصلت مشاكل فهذا الموضوع لن يريحنا، نحن غير مرتاحين للوضع الموجود في السورية وللآتي، هناك مخيمات اخرى مثلا محاصرة من الجيش الحرّ لأنّ هناك ميليشيات داخلها تحارب مع النظام.”

- يعني الخوف من مجموعات مختلفة تستغل الوضع؟

“بالضبط. إذا رفع الحصار وقالوا ان هناك كتائب سوف تقاتل مع النظام، وغدًا جاء الجيش الحرّ وأراد دخول دمشق، فسيحاربنا نحن أولا، وهذا ما نخاف منه. نحن لا نطلب رفع الحصار فقط بل تحييد المخيم نهائيًّا.”

- لكن كيف من الممكن تحييده وهناك مجموعات تحارب؟

“المجموعات الموجودة داخل المخيم قالت إنها مستعدة لعدم محاربة أيّ طرف، في مقابل ألا يدخل أحد الينا من النظام أو الجيش الحر. وهذا الحل الوحيد الذي ممكن ان يمشي حاله ويرضي الطرفين.”

- مبدئيا الوضع الان في المخيم ان النظام السوري موجود خارج المخيم ويحاول دخوله، والجيش الحر موجود داخل المخيم..

“بالضبط لكن الجيش الحرّ دخل لأنّ النظام نكث وعده بفتح الطريق، ولكنه مستعد للخروج، لكن المشكلة اننا نريد فتح الطريق وادخال المواد الحيوية وارجاع الناس إلى المخيم، الكثير يتحدثون عن معاناة اهلا اليرموك، لكن اريد أن اقول لك إنّ هناك 9,000 عائلة في قدسيا، إحدى المناطق التي نزح اليها الناس من المخيم، حيث يتعرضون إلى التمييز وليس لديهم نقود لاستئجار البيوت، وحصل انتشار للدعارة ولظواهر سلبية كثيرة بسبب الجوع. كما يتم تجنيد الاطفال لكي يجلبوا النقود ويعيّشوا أهلهم. نحن نريد أن يرجع هؤلاء إلى اليرموك ويعيشوا فيها كما سابقا.”

“قفوا مع الشعب الفلسطيني، مع شعبكم في المخيمات، هذه المخيمات مثل مخيم اليرموك، وعندما كانت تحدث مظاهرة في القدس كانوا يخرجون، وإذا كانت حملة على غزة يخرجون، ويستشهد أشخاص منهم في المظاهرات. هؤلاء هم شعبكم وهؤلاء هم قضيّتكم الفلسطينية”

- ما هو تصوّرك؟ هل هناك إمكانيات تفاوض؟ هل النظام السوري مستعد للتفاوض معكم؟

“النظام تفاوض ولكننا لم نشعر بمصداقيّته، لأنه نكث وعده سابقا. لقد أخرجْنا الجيش الحرّ في حينه وإذ به يحاول التقدم. شعرنا بالخدعة. المشكلة الاخرى وجود الكثير من المفاوضين من الفصائل الفلسطينية في الخارج، وحسب رأيي فشلت هذه المفاوضات بسبب الفصائل الفلسطينية من الخارج.”

- لماذا؟

كلّ المناطق الأخرى تفاوضت مع النظام ومنها جبهة النصرة، والتي هي من القاعدة، ومشي الحال، إلا عندنا: 14 فصيلاً فلسطينيًّا يفاوض!”

- يعني أنّ جزءًا من المشكلة هي الفصائل الفلسطينية؟

“في كل الشام ودمشق: في برزة، القابون، يلدا، ببيلا، بيت سحم، لمعضمية، كلها مشي فيها الحال وصارت فيها هدنة، ووصل الأكل وأصبحت هناك حواجز مشتركة للجيش الحرّ والنظام، لكي لا يزعج أحدهم الآخر- إلا نحن.”

- ولكنك ذكرت سابقا أنّ هذه الفصائل خرجت من المخيم؟

“خرجت وتتفاوض من خارج المخيم. هم موجودون في مناطق النظام، هناك فصائل منهم تحاصر المخيم، منها القيادة العامة ومنها فتح الانتفاضة وجبهة النضال.. لديهم 14 مقاتلاً يقاتلون ضدّ المخيم.”

- ضد المخيم ويقاتلون فلسطينيين؟

(يصمت.)

- نحن تحدثنا عن احتياجات المخيم كمخيم، ولكن ما هي احتياجات مجموعتكم التي تعمل في المجال الإعلاميّ لكي تستمرّوا بإيصال صورة المخيم؟

“نحن بشكل عام نريد أشخاصًا تعمل معنا في هذا الموضوع، وأشخاصًا تساعدنا من خارج سورية، لأنه لا حاجة لأن يكون الأشخاص داخل المخيم ليقوموا بالعمل. وعلى العكس، فقد يفيدنا أكثر وجود الاشخاص خارج المخيم وفي دول مختلفة؛ فرسائلنا ليست للسوريّين بل إلى الخارج للضغط على النظام. وضع الفلسطينيين سيئ ويحتاج إلى مساعدات كبيرة، الأونروا لا تقوم بواجباتها، وتركت المخيمات وخرجت مع الفصائل.”

- هذا يعني أنّ الامم المتحدة غير موجودة؟

“هم غير موجودين وانسحبوا.”

- ولكن من أين لهم المعلومات التي ينشرونها عن المخيم؟

“يأخذون المعلومات منا. كان وجود الأونروا نقطة كبيرة، وكان بالنسبة لنا ضروريًا في مخيم اليرموك والمخيمات الاخرى. لقد انسحبوا عندما حصلت مشكلة صغيرة؛ انسحبوا من المدارس والإغاثة والتربية والمستوصفات، وأغلقوا كلّ شيء وطلعوا. هناك 6 مخيّمات وكالة الأونروا غير موجودة فيها بسورية، وهي: خان الشيح ولسبينه وحجيرة ولحسنية واليرموك، وهو أكبر المخيّمات، ومخيّمان في حلب.”

- يتقاضون المعاشات ولا يفعلون شيئّا؟

“حرفيًا!”

- شيء أخير تضيفه؟

“أريد التوجّه إلى فلسطينيّي الداخل وأوروبا. لقد عملت 7 سنوات في موضوع المناصرة لأجل حق العودة وللانتفاضة، وسافرت إلى العديد من الدول في أوروبا للحديث والتحشيد عن هذا الموضوع. أريد أن أقول لهؤلاء الشباب، وبالذات المتلبكين بخصوص الوقوف ضدّ النظام الذي كان مع حق العودة.. أنا أقول لهم: قفوا مع الشعب الفلسطيني، مع شعبكم في المخيمات، هذه المخيمات مثل مخيم اليرموك، وعندما كانت تحدث مظاهرة في القدس كانوا يخرجون، وإذا كانت حملة على غزة يخرجون، ويستشهد أشخاص منهم في المظاهرات. هؤلاء هم شعبكم وهؤلاء هم قضيّتكم الفلسطينية. من يريد مناصرة القضية الفلسطينية عليه مناصرة هؤلاء الناس، فلسطينيو سورية هم آخر معقل لحق العودة، وإذا راح حقهم، انسوا الموضوع.”

(أيار 2014)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>