اترك لهم يومهم/ فاطمة عاصلة

  | فاطمة عاصلة |     في يومِ الأرضِ أغن […]

اترك لهم يومهم/ فاطمة عاصلة

 

| فاطمة عاصلة |

 

 

فاطمة عاصلة

في يومِ الأرضِ أغني أغنيةَ حبٍّ

أكتبُ عن وجعي الشخصيّ،

أفكرُ؛  

أيُّ الشوارع سأسلُكُ إلى مقهى إيطالي؟

ولمن سأرسلُ رسالةً إلكترونيةً قصيرة؟

أرتبُ غدي

وأشتاقُ لصديقيَ المسافر.

في يوم الأرضِ

أتركُ لهم يومهُم

آخذُ الأرضَ معي

أحتضنُها،

 وأنَامُ..

مِلء خيانتي.

أحلمُ..

أنَّ برافَرْ- كأطفال العراقيب-

يكرهُ الليل

لانَّه ينتظرُ مَلاكًا يُوقظُ ضميرَه

ولا يأتي.

أحلمُ

بأنَّ الصمتَ أقَلّ

والبسمات الموزعةَ على الوجوهِ أكثر

في حافلةٍ, يتوه فيها صوتُ الراديو

باللغات الكثيرةِ!

أحلمُ

بأنَّ البلادَ أوسعُ

على حبيبينِ متشابهينِ

إلا بالقسَمِ

ويوم العطلةِ،

لو أن السبت ليس يومَ “دولتنا” المقدس!

لو أن السبت ليست عطلتنا الرسمِية!

أحلمُ بأنّي أجيبُ أبي

حينَ يسألني عن البردِ في حيفا:

“قد تكونُ أكثرَ بردًا..

لو أنّ أجسامًا مشبوهةً أقلْ

تقصلُ بين جسمي والشرطي”.

وأحلمُ

بأن أمَّ عامر

لم تعدْ تغضب من نساءِ الحيّ

اللواتي لا يعرفنَ الكثيرَ عن ميعارْ

وأن أبا محمود

لا يزورُ أرضَ الهَوشَةِ

يوم النكبةِ الكبرى

لأنَّ بيتَه منذ الآن صار هناك!

أحلمُ

بأنَّ حنظلة أدار وجهَه أخيرًا

وابتسم

فكّ ذراعيه وصفّق.

في يوم الأرض أحلمُ…

أحلمُ

يومَ الأرضِ..

يومَ النكبةِ..

يومَ غزةَ..

يومَ فُقدتْ أعصابُ شيخٍ على حاجزٍ

يومَ اقتُلعَ زيتونٌ في دوما وقصرة والخليل

يوم جاعَ أسير..

يومَ اعتقل شابٌ..

يومَ قتل عربيّ.. ونفسٌ ما ذُنبتْ

يومَ اقتُحمَتْ ناصِرةٌ.. وصُدَّتْ

يومَ اختلفنا على الألوان.. وكثرت

يوم تجادلنا على شعاراتٍ.. فاختصرت

يومَ أزورُ القدسَ فأكبّلْ

وأزورُ يافا فأذهلْ.

أنامُ ملْءَ خيانتي

ولا أحلم،

أنام لتحتلَّني الأرضُ كاملةً في منامي

أرضٌ في كنفها عيدٌ

مواساةُ المنقطعِ عن ناظريه

إنْ هزأ هزأت،

وإن حطَ القلبُ على وسادته حطّتْ.

وترابٌ

لا يموجُ

ولا يغورُ

ولا يستقصِرْ

ثابتةٌ.. وتثبّتنا كأننا سلاسلُ الحجارةِ تحيطُها

غصنٌ ينادي السلمَ

عشبٌ يغرق بدمٍ

وقندولُ الجليلِ انعكاسُ قصةٍ

من عسقلانَ حتى المروجِ حتى البحرِ

يروي ما تبقى منا ينظر لأثدائهم الرابضةِ على الرمل

ويستفرغُ.

أصابعُ لم تتّسعْ إلا لخواتمَ معجونةٍ بالنّدى

ترتب القهوة لضوء الصُبح

على نارها

تجنُّ الأغاني

وميلُ المواويل

تسمرُ التجاعيدُ

تلثم شفتيك كأنك وحيدها

ضيّعتك الأبواب الحزينةُ

ولم تضعْ.

كفٌّ إن مرتْ على حجرٍ

أغمضَ جفنَه

وانطبعْ..

فصارت الكفُّ ألْبومَ صورٍ للبلاد،

وأجسادُنا متاحِف التاريخ الصحيح.

بالأمس كنا ندقُّ حديدًا في وجه النور

وكنا نقصّ من الربيعِ غيمًا،

غدًا سنغازِلُ خدّ الحزنِ

ونغزلُ من الخريفِ رداءَ عرسْ

في المقابرِ

ينام الساكنونَ بلا بردٍ

والأقدام على الأرض تلدُ الصقيعَ

وتحيا

على أملِ الصيفْ.

غدًا سنغازل خدَّ الحزن

ونغزلُ من الخريف رداءَ عرس

ونحيا

على أمل الصيف.

(عرّابة البطوف)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

5 تعقيبات

  1. حين تحضُر فاطمــة .. كل الأقلام ترفع القبّعات .. سلِمت يا روحاً عربية لن تتكرر ..

  2. القصيدة بتجنن كثيير حلوي

  3. لو ان الصمت يكتب لكتبته حلولا بهذا النص او ببعض صوره على اقل تقدير.

    لا زلت تحت تاثير المواقف والصور المذكورة في النص.

    جميل الى الامام .

    تقبلي فائق احترامي

    أحمد توفيق

  4. قصيدة رائعة تهز المشاعر والاحاسيس

  5. رائعة….

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>