تدريس العربيّة في المدارس العبريّة بين الإلزام والتّخيير/ أسعد موسى عَودة

أنا شاهد حيّ على فنّ تدريس هذا الموضوع المقدّس بأبعاده كافّة للطّالب الأجنبيّ – العبريّ

تدريس العربيّة في المدارس العبريّة بين الإلزام والتّخيير/ أسعد موسى عَودة

|أسعد موسى عَودة|

asaad-q

أسعد عودة

أثار قرار وزير المعارف، شاي ﭘيرون، مؤخّرًا، في شأن تقليص إلزام تعليم موضوع اللّغة العربيّة لصفوف العاشر في المدارس العبريّة، وجعله موضوعًا اختياريًّا في هذي الصّفوف، ردود فعل واضحة، برلمانيّة ومدنيّة وأهليّة، ندّدت، غالبًا، بهذا القرار الّذي فوجئ به حتّى أهل الخبرة والاختصاص في وزارة الوزير. علمًا أنّ قرار هذا الأخير – حسَب الادّعاء – جاء – بالذّات – لإعلاء مكانة  هذا الموضوع الحسّاس والهامّ – في آنٍ معًا – في المدارس العبريّة كافّة في البلاد. (راجع أخبار الصِّحافة في هذا الشّأن)

إنّ ما جعلني ألتفتُ وألفتُ إلى هذا الموضوع غيرَ صُلبه، طبعًا وأوّلًا، عشيقتيَ العلنيّة، اللّغة العربيّة؛ هو قربه إلى قلبي ووعيي، لا لأنّي تعلّمت العربيّة في مدرسة عبريّة أو لأنّي علّمتها فيها، بل لأنّي عشت سِنِي صبايَ وفتوّتي وشبابيَ المشرف على الكهولة – ولا أزال – ابنًا لأبٍ علّم اللّغة العربيّة وآدابها وتاريخ إسلامها في الوسط العبريّ مدّة أربعين عامًا متواصلات، متنقّلًا بين مراحل التّعليم المختلفة، من الأوّليّة حتّى الأكاديميّة، وفي التّعليم الخاصّ كما في الرّسميّ العامّ.

فأنا، إذًا، شاهد حيّ على فنّ تدريس هذا الموضوع المقدّس بأبعاده كافّة للطّالب الأجنبيّ – العبريّ. وأنا شاهد حيّ على ما كان يبذله هذا الأستاذ – ولا يزال – من جَهد مضنٍ وسعيد، في سبيل إيصال جمال وجلال وكمال هذا الموضوع إلى هذا الطّالب العنيد، المسائل المستكشف، المتذوّق الفطِن، والمحلّل الباحث الجادّ.

وبالإضافة إلى ما كان يلقاه، حتمًا، هذا المعلّم وما يعلّم من حبّ ووُدّ واحترام وتقدير، كنت، أيضًا، شاهدًا حيًّا على ما كان، أحيانًا، يواجهه هذا الأستاذ نفسه بنفسه، من مظاهر التّعصّب والعنصريّة المتخلّفة، من شتّى العناصر والجهات، لكنّه كان يعرف كيف يُبكّتُهم جميعًا هؤلاء، بموضوعه وموضوعيّته، وبلغة عبريّة وثقافة قد قاربت حدّ الخرافة.

لا أحد يُنكر – ولا يستطيع – أنّ لاهتمام دولة إسرائيل بتعليم اللّغة العربيّة في المدارس العبريّة مآربَ أخرى، تتجاوز، أحيانًا، البعد المعرفيّ التّعليميّ التّعلّميّ الطّاهر، أو البعد الثّقافيّ الحضاريّ، أو البعد الاجتماعيّ التّعايشيّ التّواصليّ، لكنّه رغم ذلك، ورغم إلزاميّة تعليمها من السّابع حتّى العاشر ومحاولات جعلها لغة إلزاميّة في الصّفوف الابتدائيّة المتقدّمة (حتّى قرار الوزير الأخير القاضي بإلزاميّتها حتّى التّاسع، والّذي سيسري مفعوله اعتبارًا من مطلع العام المدرسيّ القادم) ولغة اختياريّة في الحادي عشر والثّاني عشر (حيث يتقدّم بها الطّلّاب إلى امتحانات التّوجيهيّ (البـﭼروت) حتّى بوحدات قصوى) لم يكن تعليمها مطبّقًا في أغلب المدارس العبريّة في إسرائيل؛ فلربّما، إذًا، سيكون في قرار الوزير هذا إعلاء، فعلًا، لمكانة الموضوع؛ فما يتمّ اختياره طوعًا أعلى وأمكَن ممّا يتمّ إلزامه قسرًا.

وكم نحبّ أن نراه هذا الأستاذ الكبير يكتب وينشر، مُعرِبًا عن رأيه في هذا الموضوع الهامّ، وغيره من الموضوعات الهامّة، التّعليميّة والتّربويّة والدّينيّة والثّقافيّة والاجتماعيّة؛ والسّياسيّة، أيضًا، إن أراد؛ فذلك دَين ثقيل لنا عليه، نسأل الله – تعالى – أن يظلّ يصرفه عنه..

حمى الله العربيّة وطلّابها الأحياء الحقيقيّين، معلّمين ومتعلّمين، أينما حلّوا وحيثما ارتحلوا؛ فهم طلّاب حقّ وعدل، طلّاب عقل وذوق، طلّاب جمال وجلال وكمال، وطلّاب عزّ وشرف ومروءة وسعادة وحياة..

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

وقع، سهوًا..

في مادّتنا الأخيرة الّتي حملت عُنوان “أبو لُويس في ذمّة نِمِسِيس” وقع، سهوًا، تشديد على ياء سِنِي (“سِنِيّ”)، والصّواب بغير تشديد، طبعًا؛ إذ هي – في الأصل – سِنِين، حُذفت نونها بالإضافة، لتبقى ياؤها بلا تشديد. وكم نظّرنا في هذا الباب، أيضًا. ولكنّه جلّ من لا يسهو. وإنّه لكلّ جواد كَبْوة ولكلّ صارم (سيف) نَبْوة ولكلّ عالم هَفْوة، ولست جوادًا ولا صارمًا ولا عالمًا، فما أنا إلّا أنا، خادم العربيّة..

وحديثنا، أبدًا، عن لغتنا ونَحْن!

(الكاتب دارس عاشق للّغة العربيّة، مترجم، ومحرّر لغويّ؛ الكبابير / حيفا)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>