1/11/11..!/ أسعد موسى عودة

|أسعد موسى عَودة| لا! لم يكُن أنْ تذكّرتُ أو ذكّروني بأ […]

1/11/11..!/ أسعد موسى عودة

|أسعد موسى عَودة|

لا! لم يكُن أنْ تذكّرتُ أو ذكّروني بأنّي وُلدتُ في مثل هذا اليوم قبل شيءٍ وثلاثين سنة، ما سرّني؛ فقد قال سوفوكليس، أعظم كتّاب التّراجيديا الّذين عاشوا في القرن الخامس قبل الميلاد: إنّ من أعظم ما تجود بها الأقدار على إنسان، هو ألّا يولَد بالمرّة، وعلى فرض أنّه وُلد – أن يُسارِع بالرّحيل إلى حيثُ أتى. وهو الّذي عاش عمرًا مديدًا، وثراء عريضًا، وعبقريّةً، وشُهرةً، وجمالَ شكلٍ وروحٍ، وكتب أزيَدَ من مِائةٍ وعشرين عملًا مسرحيًّا. بل سُرِرْتُ بأحبّائي وحبّهم لي وحبّي لهم. وسُرِرْتُ أكثر بأنْ صادف هذا اليوم -في البلاد هذا العام- “يوم النّظافة العالميّ”. وإنْ كانت “النّظافة من الإيمان”، أو كانت النّظافة هي الإيمان؛ فهي ليست -في حال من الأحوال- نظافةَ الأبدان والبُلدان، فحسْب؛ بل هي، أيضًا، وقَبْلًا، وبَعْدًا، نظافةُ الوِجدان، ونظافةُ اللّسان، ونظافةُ اليد، ونظافةُ القلب، ونظافةُ العقل، ونظافةُ العمل، فهي -باختصار- نظافةُ الجوارح كلّها، الباطنة منها والظّاهرة. ويُقابلها في ذلك كلّه الكذِب أو الظّلم أو الخيانة؛ حيث النّظافة -ههنا، عندي- هي العمل الصّادق، أيًّا كان؛ بفعل الصّحيح، بشكله الصّحيح، وفي وقته الصّحيح، بما يُرضي اللهَ ورُسُلَه والمؤمنين، فيُحقّقُ للإنسان -في كلّ زمان ومكان- سعادته المنشودة المُشتهاة، في هذه الحياة الدّنيا، وفي الحياة الآخرة؛ أو أن يختار غير ذلك ويجني غير ذاك؛ ما دعا عمَّنا سوفوكليس، الّذي نشأ معتدلًا في دينه، إنسانيًّا في عواطفه، وما عَمِيَ عن تأمّل ما في الحياة من آلام، إلى قول ما قال، أعلاه. ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

وحَدَثَ في مِثلِ هذا اليوم:

1/11/1878: ولادة كارلوس ساڤيدرا لاماس؛ السّياسيّ والأكاديميّ الأرجنتينيّ الحاصل على جائزة نوبل للسّلام عام 1936؛

1/11/1922: مصطفى كمال أتاتورك يُعلن قيام الجمهوريّة التّركية وإلغاء النّظام السّلطانيّ بصفة رسميّة؛

1/11/1935: ولادة إدوارد سعيد؛ المفكّر الفِلَسطينيّ الأمريكيّ الفذّ، وأستاذ الأدب المقارَن في جامعة كولومبيا؛

1/11/1945: تأسيس منظّمة الأمم المتّحدة للتّربية والعلوم- (“يونسكو”)؛

1/11/1952: الولايات المتّحدة تفجّر أوّل قنبلة هيدروجينيّة في التّاريخ، وُصف تفجيرها بأنّه أقوى من وهج ألف شمس؛

1/11/1977: اكتشاف أكبر حقل لليورانيوم في البحر الأسود؛

1/11/1993: بدء تطبيق معاهدة ماستريخت بين عدد من دول أوروبا، حيث كانت النّواة التّأسيسيّة للاتّحاد الأوروبيّ.

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

الصّيّاد

لَكَم صَدَق الفاروقُ أبو عبدِ الله عمرُ بنُ الخطّاب حيث قال: “تعلّموا العربيّة؛ فإنّها تثبّت العقل وتزيد في المروءة”. ففي عدد يوم جمُعة أسبق من إحدى أسبوعيّاتنا الغرّاء -وفي عُنوانِ خبرٍ سياقُه الحديثُ عن نهاية الأسبوع- جاء: “نهايةُ أسبوعٍ عنيفٍ” (التّشكيل من عندي). إنّ من يتأمّل هذه الجملة بشيء من الحسّ اللّغويّ البدْئيّ، لا بُدّ أن يفهم أنّ “الأسبوع العنيف” المتحدَّث عنه قد جاء إلى منتهاه. غير أنّه ليس هذا -سياقًا- هو المعنى المراد من العُنوان، بل أرادت الجملة التّعبير عن أنّ نهاية الأسبوع كانت عنيفة، فكان لا بُدّ أن تُصاغ، إذًا، بالقول: “نهايةُ أسبوعٍ عنيفةٌ”؛ حيث تكون الصّفة (عنيفة) للنّهاية (نهاية الأسبوع) لا للأسبوع. ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

 

قال اللّغويّ الرّوائيّ الفيلسوف:

الحرّيّة كالنّبوءة؛ نَيلها قِصاص وفقدها قِصاص. لا يُبدع الإنسان في شيء، ما لم يعِش تجرِبة اللّاشيء. الصّحراء (هي) الفِردوس الّذي نحلُم به، ولا نستطيع أن نحيا فيه. السّعادة من نصيب الّذين يطلبونها، لا الّذين ينتظرونها. كلّ عمل شرف، ما لم يكُن استهانة بالشّرف. لذّات الجسد تُميت الرّوح، ولكنّ لذّات الرّوح تُحيي الجسد. يَقين الصّغار بأنّهم يلهون يجعلهم يعملون؛ ويَقين الكبار بأنّهم يعملون يجعلهم يلهون. لولا لهفة الإنسان إلى اللَّذّة لمات أهل الطّبّ جوعًا. الوقت الّذي لا نقتله بالعمل، يقتلنا بالملل. أمّةٌ لا تُحسِنُ الغناء- أمّةٌ لا تُحسِنُ الصّلاة. ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

(الكبابير/ حيفا)


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>