رسالة إلى صديق في القدس!/ مرزوق الحلبي

 (إلى بشير بشير، صديقا وخلا وفيا) |مرزوق الحلبي|    للق […]

رسالة إلى صديق في القدس!/ مرزوق الحلبي

 (إلى بشير بشير، صديقا وخلا وفيا)

|مرزوق الحلبي|

مرزوق الحلبي 

 للقدس موقعُها.

مكان لا زمان له.

والوقت ملك للإله الواحد الأحد المنزّه،

وللصراعِ على البدايةِ والنهايةِ،

والروايةِ.

الوقت للرُسِل وحشد الأنبياء السائرين إلى الهياكلِ

وطابور الملائكةِ الطويلِ الخارجين من بياضٍ لا نهائيّ.

وما تبقّى للحروب.

لدمائهم ودمائنا ودماء من يرث المدينة!

لا السورُ يحمينا ولا البيتُ ولا جِهَة الصلاةِ.

ولا الهوياتُ التي اندثرت

ولا تلك التي ولدت

ولا التاريخ.

مصيدة هو التاريخ ضلّلهم وضلّلنا،

فاقرأه لكن لا تدعه يسير قبلَك!

لا تدعه يسير خلفك!

وقتنُا في القدس مثل الضوء منكسرٌ،

شديدُ الانحدار

عدوّ الجالسين على حقائبهم

عدوّ الواقفين على الجدار.

في القدسِ ، يسير الوقت مرتفعا عن الأرض قليلا

ومنقبضا قليلا

ومرتبكا قليلا.

وقتا أضاعته الحروب على المفارق

كي يضلّ المارقون إلى المنافي طريقهم

أو يعثرون على موت يزيّنه الدعاةُ.

فالحرب عادلة ـ يقولون

والموت حق!

وَمن يمُت، فبحكمةٍ لا تُدركُ الآن!

لكل ميتة معنى!

ولكل معنى آية مُثلى

من لحظة التكوين منشأها.

فحاذر من كلام الخارجين من القداسة!

لا حياد هناك حيثُ يشتبك المقدّس بالمقدّس

وتطغى أشكالُ الكثيف على اللطيفْ

وينتفي التفكير في الأشياء

وينتفي العقل وجوهرُه،

ومنابع الإدراك.

وتوصدُ الأبوابُ في وجه مَن شادوا السؤالَ على السؤال.

في القدس آلهة تقاتل.

والنبيّون والملائكة تُقاتل.

في حروب ليس فيها أي ذكر لك

ليس فيها مما قالوا لي ولك.

مزعومة

موهومة

وهي الغريزة في التجلّي

وهي ما في النفس من ماء وطين.

مسكونةٌ بالنصِّ

بالموروثِ

بالوهم المؤسّس للخرافة.

فكُن يا صاحبي “صاحب”

وصُغ نقيضَك للخُرافة

****

هم الحُجاج سدّوا الباب وانتشروا،

وساروا في ظلال السورِ وانتصروا

ليقطعوا الطرقات من صبحٍ

عليكََ

وعلى الحمام الزاجلِ،

وعلى الحقيقة.ِ

فاترك سجائرك لهم

واترك عناوين الجريدة!

وخذّ ما خفّ من أملاكك ِوبريدِك،

وكلامَه السريّ

ووردة الشبّاكِ

ونادلةً شُغفت بها عيناك.

خُذها إلى مأمنٍ في الجليل وخزانةِ في قلب أمّك

فالقدس من حجر ومن أسمنتِ لا قلْبَ فيها

ولا خبرا يسرّ.

في القدس تنهمرُ السماء بشدّة

ويلتقي العلويّ بالأرضي في صخب

فلا زمان لك ولي

ولا منجى من الغرقِ  

الوقتُ في القدس مثل الضوء منكسرٌ،

شديد الانحدار

عدوّ الجالسين على حقائبهم

عدوّ الواقفين على الجدار.

فاخرج من معارجها وعُد سالمًا يا صاحبي!

فالحقيقة أن تظلّ الروحُ لكْ

وأن تظلّ

وأن تظلّ

وأن تظلّ مودّتي شعرا يسابقُ الوقتَ إليك!

(كانون الأول 2012)

 

 

 

 

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>