مقاطع من ذاكرة مقصوفة/ ياسمين ضاهر

|ياسمين ضاهر| قطر الرصاصة أوسع قليلا من إنسانيتنا المتف […]

مقاطع من ذاكرة مقصوفة/ ياسمين ضاهر

|ياسمين ضاهر|

قطر الرصاصة أوسع قليلا من

إنسانيتنا المتفرجة.

لم يسعنا قبلا سوى النظر

الان، حتى هذا، يؤذي المعدة

                * *

ثِقلُ القنبلة، يقع كالصدى في طفولتنا الاولى.

لم نعرفهم احياء،

لم نعرفهم اموات،

نستريح.

                * *

صوت الغارة اعلى من صوت عصفورٍ،

لم يمر من هنا منذ اكثر

من ازمة

لم يقابله أحد.

لم تمش في جنازته

حتى أسلكة الكهرباء.

لن يهزأ منا، طفل يعرف

معنى الكذب

فلندعّ العصفور… ليهدأ.

                * *

قال الجندي وهو يسابق العصفور:

لن يتعرف الخيال على ما صنع.

                * *

صوت الغارة أعلى من صوت العصفور

ومع هذا نتمسك

بحقيقة وحشية:

أنهم ما زالوا بشر

وأننا ما زلنا أحياء

وأن للقتلى، بيننا

وبينهم

كبرياء

                * *

ويبيع من يعرف ان عملية الولادة سهلة

تسعة شهور والدم مستباح

وفي اجواء الحصار، يقول: الولادة تسلية

لا دم بعد نطعمه للرياح

ويغضب من يعرف اننا لا نختفي

هكذا، بسرعة

ويقول آخرون: لا يذكُر التلفاز

سوى التعداد.

جميل أنه لا صوت للرقم.

لا صور حديثة لماضي المارين من هنا الان

الموتى بعد ثوان.

لقد استعاضوا عنها، بموت جماعي

لا ملامح فيه ولكن، وفي نفس الوقت

ولذات السبب – جميل ويبيع اكثر

                * *

ونحن ماذا عنا؟

يستجدي كبرياء المنتظرين

لماذا نحيا بعد؟

لقد اخطأت القذيفة مأواها

لقد نسيت الانسانية محفظتها

وبعض العرب، اقنعتهم

                * *

لم يعد لهذا الليل من صوت

سوى – أن ينتهي،

استجدوه المارين في غزة

دون ان يمروا حقا:

إنتهي قبل ان ننتهي، طالبوه.

لان العدو يخاف الليل

ويخاف ظله المنعكس فيه

لذلك فقد اطفأ الكهرباء

وها هو يرتجف وهو يقتلنا

                * *

سارت عيوننا وراء موكب الدفئ

حفرت القذيفة موتا للجميع

في الصورة التذكارية

لا نرى أحد – غريب

لا نرى احدا على الاطلاق

                * *

هناك امل بعد، صرخ احدهم من قبوه الاسود

هناك امل بعد:

أن يكونوا من ماتوا احياء

وان نكون نحن الاموات.

هناك امل بعد،

صرخ احدهم بفرح.

                * *

ليس بعد، قال عدو من بعيد

لم يعترف احد بعدائه ولا بحبه

لم يعرفه احد.

ولكنه قال: ليس بعد!

                * *

خائف عدوي خائف

لا الدم دم في مخيلته

ولا الحرب من الصحن الطائر

حرب

كلها العاب نارية،

وقد يكون اقتتال بالماضي.

ماذا سأفعل حين يستيقظ

ماذا سيفعل حين سيعرف

ماذا سيفعل حين سيفهم ما كان يعرف؟

* *

في القرن الوحيد

والليل القارص

أطفال يخالون ان الحرب حرب.

ويعرفون الحقيقة.

إنهم الآن أحياء، محظوظين.

أنهم الآن ليسوا بالأموات، محظوظين.

هاهم يتنفسون الآن، محظوظين.

الآن في هذا القرن الذي لا يواتي

بوحهم كلهُ. أملهم – أغلبه

حياتهم – لا شيء منها.

إنهم أطفال غزة، محظوظين.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>