تشومسكي لا يجد أملا في أوباما

أجرت صحيفة “كيهان” الإيرانية حوارًا مع المفكر اليساري الأمريكي نوعام تشومسكي، جاء فيه أن أوباما مثل كلينتون تمامًا، وحملاته الإعلامية أصبحت ورقة بيضاء ليس فيها أي التزام عملي. وهو يحلل أسباب قرع طبول الحرب ضد إيران

تشومسكي لا يجد أملا في أوباما

تشومسكي. "إيران تهديد عالمي فقط لأنها لم تخضع للسياسات والإملاءات الاميركية"

تشومسكي. "إيران تهديد عالمي فقط لأنها لم تخضع للسياسات والإملاءات الاميركية"

- الرئيس باراك اوباما فاز بجائزة نوبل للسلام عام 2009 على الرغم من مضاعفته لعدد الجنود الأميركيين الموجودين في افغانستان. أين أصبح شعار «التغيير» الذي أطلقه الرئيس أوباما؟

تشومسكي: لا يمكنك اعتباري من الذين يئسوا من هذا الشعار لأنني أصلا منذ البداية لم أكن أتوقع أي تغيير. كانت لي كتابات ومقالات حول موضوع احتمال فوزه في الانتخابات حتى قبل أن تبدأ المنافسات الانتخابية. لقد كان واضحا عندي انه رجل ديموقرطي بالكامل مثل بيل كلينتون وتماما كما تفضلتم وقلتم بانه طرح شعارات وتحدث بكلام كثير مقنع حول “التغيير” و”الأمل”. لكن هذه الحملات الإعلامية أصبحت مثل ورقة بيضاء ليس فيها أي التزام عملي. فالشعب كان يائسا في عهد الرئيس بوش وكان يبحث عن أمل يتعلق به. ولو قمتم بتجزئة وتحليل سريعة للمطالب التي أعلنها الرئيس أوباما فسوف ترون بأنه لا محل فيها لأي أمل.

- إدارة الرئيس أوباما تعتبر إيران تهديدا عالميا لأنها تسعى إلى تخصيب اليورانيوم من أجل الحصول على الطاقة النووية السلمية بينما لا تمارس حكومة أوباما أي ضغوط على دول تمتلك قنابل نووية مثل الهند وباكستان وإسرائيل! ما هو تقييمكم لمثل هذه المواقف؟
تشومسكي: تُعرّف إيران بعنوان أنها تهديد عالمي، وذلك فقط لأنها لم تخضع للسياسات والإملاءات الاميركية. وإلا فإن إيران كنظام قائم لا تشكل أي تهديد على الإطلاق فإيران بلد لم يشاهد منه طوال قرون مضت أي أعمال احتلال او تصرفات عنف و خشونة. طبعا لا أحد لديه نية – لا إيران ولا غيرها من الدول – بأن يكون لديه قنابل نووية، وسجلّ حلفاء اميركا مثل السعودية ومصر بالنسبة لحقوق الإنسان معلوم وغير خفي، لذلك لا يستطيع هؤلاء توجيه أي انتقاد لإيران بالنسبة لحقوق الإنسان.
أما إسرائيل فقد اعتدت على لبنان خمس مرات في ظرف سنوات قليلة – وبتأييد ودعم اميركي – بينما لم تقم إيران أبدا بشن أي اعتداء أو حرب على أحد.
- إذن لماذا يعتبرون إيران بلدا يشكل تهديدًا عالميًا؟
تشومسكي: لأن إيران تعمل بشكل مستقل ولا تنطلي عليها الأكاذيب ولا تتأثر بالافتراءات التي تتناولها في العلاقات الدولية، هؤلاء أيضا تعاطوا نفس التعاطي مع دولة تشيلي. فعندما أصبح الرئيس سلفادور على رأس السلطة هناك قامت اميركا – بذريعة تأمين الإستقرار في ذلك البلد – بزعزعة استقراره! ولا تناقض في هذا الكلام لان اميركا ومن اجل إيجاد الإستقرار – و الأفضل أن نقول: من اجل أن تحافظ على سلطتها ونفوذها هناك – وجدت نفسها مجبرة على الإطاحة بتلك الحكومة. ونحن في منطقة الخليج الفارسي نواجه نفس المشكلة، وطهران لا تنطلي عليها الأكاذيب ولا تستسلم للإفتراءات.
- كيف تنظرون إلى دور الأمم المتحدة لجهة الوقوف ضد العقوبات على طهران؟
تشومسكي: الامم المتحدة مصطلح عجيب! أكثر دول العالم “باستثناء دول عدم الانحياز” تنطوي تحت سقفها، وهي دافعت عن حق إيران بتخصيب اليورانيوم من اجل النشاطات السلمية. وهذه الدول أعلنت دعمها وحمايتها لإيران مرات عديدة لكن الظاهر أن هذه الدول ليست محسوبة من ضمن الأمم المتحدة! أعتقد أن منظمة الأمم المتحدة التي تتحدثون عنها تتشكل فقط من الذين يخضعون للقرارات الاميركية ويتبعون سياساتها، لذا فإن اميركا وإسرائيل تستمران في تهديد إيران، ولا بد من أخذ هذا التهديد على محمل الجد!
- لماذا؟
تشومسكي: لان إسرائيل تمتلك مئات القنابل النووية و أنظمة لنقلها حصلت ْعلى أخطرها أخيرا من ألمانيا ! فألمانيا قامت بتجهيز إسرائيل بغواصات نووية مجهزة ومتطورة إلى حد أن بعضها غير قابل للكشف! وهذه الغواصات قادرة على حمل رؤوس نووية وهي الآن متواجدة في الخليج الفارسي ويمكن لهذه الغواصات ان تمر في قناة السويس بغطاء من الدكتاتور المصري! أنا لا أدري هل وصل بعد خبر هذه الغواصات إلى مسامع الألمان أم لا؟ لكن قبل أسابيع أعلنت البحرية الاميركية بانها في طور إنشاء مقر نووي في جزيرة (ديكو غارسيا) في المحيط الهندي مخصص لاستقرار الغواصات النووية فيه. طبعا القدرة النارية لهذه الرؤوس كبيرة إلى الحد التي تستطيع فيه أن تنفذ إلى أعماق مقرات ضخمة محاطة بأمتار من الإسمنت المسلح ولم تصنع هذه الأسلحة أصلا إلا بهدف الاستفادة منها ضد إيران.. المؤرخ المعروف «مارتين لوي ون غرولد» كتب في سنة 2003 وبالدقة بعد بداية الهجوم الاميركي على العراق هكذا: بعد هذا الهجوم وفي حال قررت إيران الإعراض عن فكرة تصنيع قنبلة نووية فإن هذا الامر سوف لن يستخدم ضدها. واقعا هناك طريق آخر لمواجهة الهجوم الاجنبي، إذن لماذا لا تتعامل اميركا مع كوريا الشمالية بنفس هذا التعاطي؟ طبعا لأن هناك مانعا ما. أقول مجددا: لا أحد يريد أن تتسلح إيران بقنبلة نووية رغم أن احتمال استعمال هذا البلد للسلاح النووي ضعيف جدا. ويمكنكم أن تنظروا إلى معلومات وتصرفات المؤسسة الأمنية الأميركية لتعرفوا أنه لو أرادت طهران ان تسلح رأسا نوويا واحدا فإن هذا سيكون كافيا لاحتمال محو هذا البلد عن الخريطة. وليس مهما كم أن رجال الدين المسلمين هناك يسيئون في تشريع القوانين، لكن إلى الآن لم يظهر لهم أدنى علاقة بالعمليات الانتحارية.
- ما هو الدور الذي يستطيع أن يلعبه الإتحاد الأوروبي من أجل تهدئة هذه الظروف الخطيرة؟
تشومسكي: يستطيع الإتحاد الأوروبي أن يخفف من خطر الحرب، فيمكن للدول الأوروبية أن تضغط على الهند وباكستان وإسرائيل – وهي أشهر الدول التي امتنعت عن توقيع معاهدة انتشار الأسلحة النووية- من أجل أن توقع على هذه المعاهدة. في أكتوبر 2009 وفي الوقت الذي كان فيه الإتحاد الأوروبي يستشيط غضبًا من البرنامج النووي الإيراني، كانت الوكالة الدولية تدعو إسرائيل إلى التوقيع على معاهدة الـ NPT طالبة منها أن تفتح أبواب مقراتها النووية أمام مفتشي الوكالة الدوليين، لكن أوروبا سعت إلى عرقلة هذا العمل وكذلك اميركا حيث طلب أوباما من إسرائيل أن لا تعير أي اهتمام لمطالب الوكالة الدولية.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>