يعلون في جَزمة شارون/ هشام نفاع

|هشام نفاع| في مقابلة كان أجراها معه آري شفيط في صحيفة […]

يعلون في جَزمة شارون/ هشام نفاع

|هشام نفاع|

في مقابلة كان أجراها معه آري شفيط في صحيفة “هآرتس” مع تولّيه الحكم، قال أريئيل شارون ما معناه: إذا لم يكن لدينا “حل” فلا بأس بأن نحارب مئة سنة أخرى. كان ذلك في آب 2003.

قبل أسبوع، بمرور نحو تسع سنوات عاد سياسيّ إسرائيليّ آخر ليكرّر المقولة نفسها، على صفحات الصحيفة نفسها، بل للصحفيّ ذاته. إنه الوزير في حكومة اليمين موشيه يعلون. فبعد قوله المأثور: “لا يتحقق الاستقرار باتفاقيات وهمية على حدائق البيت الأبيض، بل بواسطة الردع. بواسطة عصا غليظة وجزرة”، سأله الصحفي: “وهل يمكن العيش هكذا 20 سنة أخرى؟” – يعلون: “بل يمكن العيش هكذا 100 سنة أخرى”.

هذا الجنرال يمشي بنفس الغباء على درب ذاك الجنرال. لم يتعلم من فشل سابقه في فرض السياسة بالعصا، مثلما لم يتعلم سابقه ممّن سبقوه. عناد “بغّاليّ” على المضيّ في درب الحرب والحراب لقرن آخر من الزمن، وكأنّ قرن سفك الدم المنصرم لا يكفي الهوس العسكري الصهيوني.

شارون لم يرُد حلا لأنه رفض مجرّد فكرة التكافؤ بين الإسرائيلي والفلسطيني. ومثله يعلون. فهو لن “يتنازل” للفلسطيني عن أكثر من “أوتونوميا” وسط تقوية مشروع الاستيطان وصولاً إلى مليون مستوطن في الضفة الغربية المحتلة، كما قال. هذه هي السياسة المعلنة، قُل المفضوحة.

ولكن ما العمل. الشعب الفلسطيني، ويا للوقاحة، لا يقبل بغير التكافؤ. فماذا سيستنتج دماغ جنرال اعتاد حلّ أعقد قضية بلغة البندقية: ليس هناك حلّ. ففي عُرفه، الحل يعني الإملاء والفرض. هناك خلاف على مجرّد المفهوم. لغة الحرب لا تحاول حتى المداهنة لتنتقل إلى طاولة المفاوضات. إنها تبقي على كامل الزيّ الحربي، وتجلس إلى المائدة بالجزمة العسكرية.

ليس لدى الفلسطيني دبابة. ولكن لديه عنصريّ قوة: الأول متين هو قوة الحق. والثاني يحتاج اجتهادًا وهو الحكمة السياسية. وهذه تقتضي التعلم من “حجر الزاوية”. الحجر الذي حاولوا عبثًا النيل منه. يجب التعلم من عفاريت جنين (وسائر شقيقاتها) الصغار الرائعين الذين كانوا يقتربون من الدبابة بحجر فيأسرون قلوب العالم.

من يعلم، ربّما لو تُركَت لهم قيادة الانتفاضة الثانية لكان الوضع الآن أفضل بما لا يقبل المقارنة. هؤلاء هم القادرون على هزيمة الاحتلال، وليس المُفرِطين. لا المفرطين في ثرثرات المفاوضات دون صلابة، ولا المفرطين في تبجّحات البطولات دون رؤية.

إسرائيل الرسمية لا تخشى شيئًا أكثر من المقاومة الشعبية غير المسلّحة. إحدى الوثائق السرية التي نشرها موقع “ويكيليكس” تؤكد هذا. عنوانها “الجيش الإسرائيلي يخطط لوسائل أكثر قسوة مع مظاهرات الضفة الغربية”، وقد كتبها نائب رئيس البعثة الدبلوماسية الأمريكية في إسرائيل لويس مورينو، تلخيصًا لاجتماع عدد من الدبلوماسيين الأمريكيين مع “قائد المنطقة الوسطى” الجنرال الإسرائيلي آفي مزراحي، (4 شباط 2011). كانت خلاصتها صريحة: إسرائيل الرسمية تخشى من المقاومة الشعبية السلمية. بل إنّ ضباطها “يشعرون بالإحباط” أمام النضال الفلسطيني غير العنيف، ولا يعرفون كيفيّة مواجهته. فهل المغزى واضح؟

 

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

1 تعقيب

  1. جميل جدا.
    نعم، التشبت بالارض والوطن، واستعمال طرق المقاومة الغير مسلحة (لان سلاحنا مبرد من سنة ال 48)، هو الطريق الافضل اما انواع الاسلحة الفتاكة التي يطورها الامريكي كل يوم ويعطيها لصديقه الصهيوني.
    الرأي العالمي هو “سلاحنا” الافضل.

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>