دولة غير مستعدّة!

|مطانس فرح| إنّه -حسَب ادّعاء الشرطة- أدّت جمرة نرجيلة […]

دولة غير مستعدّة!

|مطانس فرح|

metanes-qadita

إنّه -حسَب ادّعاء الشرطة- أدّت جمرة نرجيلة واحدة إلى نشوب حريق هائل في جبال الكرمل، حصد 42 قتيلاً، وأتى على نحو 50 ألف دونم من الأحراج الخضراء، “حاصدًا” نحو 5 ملايين شجرة، وقاتلاً العديد من الكائنات الحيّة، ومشرّدًا نحو 17 ألف إنسان.

فضحت هذه الجمرة، عمليًّا، “جَهازِيّة” -أو بتعبير أدقّ، لاجَهازِيّة- إسرائيل وضعف مؤسساتها، بالتعامل مع “أقلّ” الكوارث سوءًا! نعم، فجمرة النرجيلة أشعلت المنطقة، وأشعلت كذلك الضوء الأحمر!

تخيّلوا دولة بأكملها -الدولة الأقوى عسكريًا في المِنطَقة!- الدولة التي تمتلك أحدث الطائرات الحربيّة في العالم، تقف عاجزةً عن حماية سكّانها، عاجزةً أمام تلك الجمرة الجوفاء.

وعجزت هذه الدولة “الأعظم”، بكل أدواتها التكنولوجيّة المتطوّرة وطائراتها، عن التصدّي للنيران ومنعها من التهام الشجر والبشر، لأنها تملك طائرات تشعل حرائق بدل تلك التي تخمدها!

على مدار نحو 80 ساعة، لم تفلح الدولة بكلّ جبروتها في السيطرة على حريق الكرمل، فاستغاثت، مستنجدة بدول العالم، وتلك الأخيرة لم تتوانَ، فلبّت نداء المستغيث؛ تجنّدت أوروبا وروسيا وأمريكا، وتركيّا ومصر والأردن والسلطة الفلسطينيّة لنجدتها.

كان سكّان الدولة، وعلى مدار أربعة أيّام كاملة تقريبًا، قد تسمّروا أمام أجهزة التلفزة، يشاهدون، بألم، ألسنة النيران التي أتت على كلّ ما ومَن كان في طريقها، والتي -في الوقت نفسه- حرقت آمال الكثيرين من سكّان الدولة الفخورين، المتباهين بقوّة دولتهم وعظَمتها وقدرتها على مواجهة أصعب الأزمات، وجَهازِيّتها لأيّ طارئ، وحمايتها لشعبها المختار!

فعلى أثر الحريق الهائل الذي شبّ في جبال الكرمل، والخسائر الفادحة التي لحقت بالشجر والحجر والبشر، والفضائح التي لم تتكشّف كلّها بعد، ثبت ضعف قدرات أطقم الإطفاء والإنقاذ، وعدم استعداد إسرائيل وجَهازِيّتها لدرء أيّ خطر طبيعيّ مُحدق، حريقًا كان، أو هزّةً أرضيّة، أو، الله أعلم ماذا.

أمّا مدينتنا، حيفا، تحديدًا، فتحاصرها المخاطر من كلّ صوب؛ فمن جهة، معامل التكرير والمصانع الكيماويّة التي تحوي أخطر الموادّ الكيماويّة السامّة، ومن جهة أخرى أحراج الكرمل العُرضة للاشتعال؛ فأيّ هزّة أرضيّة، أو سقوط صاروخ قد يحوّل حيفا إلى فوّهة بركان، سيُشعل المِنطَقة بأسرها، بكلّ ما فيها.

فكيف يمكن لهذه الدولة “الأقوى” أن تواجه كارثةً أو حربًا أو خطرًا بيئيًّا، وكيف لها أن تحسم حربًا إن لم تستطع أن تحسم حربًا بسيطة ضدّ جمرة نرجيلة، قلنا إنّها جوفاء؟

فهذه الدول…!

(حيفا)

 

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>