أعطي الفن لفنانه لو أكل نصّه

أسهل أنواع الأبداع من وجهة نظر المنتقلين الجدد لصفوف المبدعين هو التصوير الفوتوغرافي؛ كلّ من حضر معرضين على أربع مسرحيات تتخللهم أمسية فنية، بسحب حاله وبيشتريلوا كاميرا “كانون” أو “نيكون” مع عدستين طوال بِلفّوا، أهم إشي يِلفّوا، هو شريها عشان يوقّف قدامك ساعة يلفلف فيها

أعطي الفن لفنانه لو أكل نصّه


من يجلس على المقاعد ومن يقف على المنصة؟

من يجلس على المقاعد ومن يقف على المنصة؟



|علاء أبو دياب|

لأيمتى بدنا نضل متلقيين؟ لأيمتى بدنا نضل رد فعل لغيرنا؟ لأيمتى بدّو يضل ميّة وخمسين بني آدم يزقفو لواحد واقف على المسرح؟ آن الأوان لتصحيح المعادلة، آن أوان الفعل، أجى الوقت اللي يطلعوا المية وخمسين على المسرح وينزل الواحد عن المسرح ويزقفلهم!

هاي مش خطبة عصماء، ولا إلها أي بُعْد وطني ولا فلسفي ولا غيره، ما تتعب حالك وتفكر برمزيتها، هاي حوار ذاتي داخلي عميق ومتأجج ومشتعل كمان! بيحدث بشكل دوري وبينتقل كالعدوى من راس لراس في كل نواحي الوطن وتحديداً في حيفا ورام الله.

ببساطة يا أعزائي نتيجة تمركز وتقوقع النشاط الثقافي والفني على أنواعه في هدول المدينتين صار عند أهلهم حالة من التخمة الفنية والثقافية خلتهم ينتقلوا أو بالأحرى يحاولوا ينتقلوا من خانة جمهور المبدعين ليصيروا همّه نفسهم المبدعين. إنو هالفنان بشو أحسن منّا عشان يضل عالمسرح وإحنا بس بندفع تذاكر!

أعراض الظاهرة:

كثرة السّرحانين والصافنين: بتمرق الصبح على الكافيه (القهوة) بتلاقي شخص محترم مالوش ولا إشي وما بعاني من أي مشاكل نفسية وعلى الرغم من هيك بكون داخل بصفنة نيرفانية رب ربك ما بعرف لوين واصل فيها! حالة تأمّل شنيعة لحفّة الرصيف اللي قدامه، لو بتنزل كاتيوشا بحضنه ما بتقطعها!

إنتشار كاميرات المحترفين: أسهل أنواع الأبداع من وجهة نظر المنتقلين الجدد لصفوف المبدعين هو التصوير الفوتوغرافي؛ كلّ من حضر معرضين على أربع مسرحيات تتخللهم أمسية فنية، بسحب حاله  وبيشتريلوا كاميرا “كانون” أو “نيكون” مع عدستين طوال بِلفّوا، أهم إشي يِلفّوا، هو شريها عشان يوقّف قدامك ساعة يلفلف فيها ويقولك شوي بس أزبط الزووم، قرب شوي عشان الفوكَس، ومعطيك الغمزة تبعت شايفك من الخُزُق تفكرنيش مش عارفِلها! وحياتي هي بتكون زابطة من أولها بس لازم إيده تلعب عالعدسة لزوم التفنن، يمكن تشوفوها ظاهرة تصلح للسخرية بس إذا بنشتغل عليها منيح وبنحضّر ملف عن الموضوع بثبت العلاقة الواضحة بين الفعاليات الفنية والثقافية وبين إرتفاع مبيعات الكاميرات الإحترافية. أنا مستعد أقنع شركة “كانون” تصير الراعي الرسمي لمسرحيْ “الميدان” و”القصبة”.

تحول البيوت لأستوديوهات: البيت اللي ما إلو بالفن بحيفا أو رام الله بكون عنده بالقليله تلات آلات موسيقية (عود، جيتار، مزهر) هادول بيجو “بيلت إن” مع البيت. هلأ إذا حابب حضرتك تضيفلك ناي مثلاً على دف على طبل أفريقي كمان ما بضرّ، وأكيد طبعاً في عندك في الزاوية ستاند خشب للرسم، وعلى الطاولة اللي جنبه محطوطه هاي الصينية تبعت سنفور رسّام اللي بخلط عليها الفنان الطفرَه ألوانه الزيتية اللي خربش فيها آخر إبداعاته. وصدقوني “التوقيع” الإشي الوحيد الفني فيها، بِشتغل على المضيه أكتر ما بشتغل عاللوحة، فعلياً هو مش شايف بكل اللوحة غير المضية، هي لوحة المضية أسمها، أما شو لوْحَة.. بتلْوِح لَوِح!

إستنساخ محمود درويش: كل خمسة متر في المناطق المذكورة أعلاها بتصطدم بنسخة محسنة عن درويش، كلّه بكتب –وأنا منهم- كلّه بحكي فصحى- أنا مش منهم. بتلاقيه عالفيسبوك بيقولك (إشتقتك يا صديقي متى اللقاء)!؟ –يعني شو أفرقت إشتقنالك عن أشتقتك يا مميز- وطبعاً كل هدول المبدعين تركوا كل شي بدرويش وركزو على إنو مُبهم! بكتب الواحد فيهم خاطرة مش خاطرة على بال حدا من قبل وبصير يقرألك فيها ويطّلّع بعينيك ليشوف مدى إنبهارك وإعجابك، وفتحة تُمَك الهبلة اللي بتسوّيها لما تكون مش فاهم شو بصير، بفسّرها صاحبنا على إنها ذهول ناتج من تفجّر مواهبه، ولحّق أيميلات عاد كل ما كتبله سطرين!

طبعاّ لسة في عندك الفرق الموسيقية والمسرحية والأصوات اللي طلعت فجأة وبكترة ولا طلعت الحنّون باول الربيع.

يا صديقي إنك تكون ذوّاق ومتلقي جيد وبتسمع موسيقى ملتزمة وبهمّك تحضر معرض فني، وبتفضل فيلم وثائقي هادف على أفلام رامبو وبتقرأ بشكل شبه دائم هذا بحدّ ذاته تميّز؛ زي ما في فنان عادي وفنان متميز كمان في جمهور عادي وجمهور متميز، إنت مبدع كجمهور ولولاك فش مسرح ولا عروض ولا أفلام ولا غيره، خليك في موقعك، إتركك من هالصفنة، وإنساك من كلمة طاقة إيجابية وطاقة سلبية، هاي الكلمة لحالها بتعقدك، سيبك من الوحدة والتأمل. الصبح خود معك صبية إشربو القهوة وإضحكو، تبرعلك بهلآلات لشي معهد –خلي الغيتارة حلوة للديكور- وأرميلي ألوان هالزيت بلاش يوقعوا عالسجادة يعجبولك على سماها، خليك بسيط وبلاها هاي “مبهم”، بطّل حدا “مبهم” عليك يا زلمة. شو بدك في وجع هالراس، الفنان والموهوب بتبين موهبته من أول أكم سنة. فش حدا بتيجيه الموهبة على كَبَر، شو هيي كاينه رسالة النبوة تيجيك عالأربعين!

إسمعوا مني يا جماعة أعطوا الفن لفنانه لو أكل نصّه.


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

17 تعقيبات

  1. حلو…”ابهمتني”!
    :-)

  2. المقال هو مقال جدير بالقراءة وأسلوب الكاتب فكاهي ولطيف، رغم أنني انزعجت قليلا من عيار اللغة العامية الذي كان ثقيلا بعض الشيء.

    بخصوص موضوع النص فانني، على عكس جزء من التعليقات أعلاه، أوافق تماما مع الكاتب وأنا أيضا ومن حولي لاحظنا هذا المد الفني الذي يجتاح البلاد، وبعضنا كان قج انضم اليه أيضا عن طريف شراء كاميرا بتلف أو ماندولين.

    رغم ذلك أعتقد أن السبب وراء هذا المد الفني والحركات الصوفية الحديثة هو ليس الرغبة في الصعود الى المسرح فقط، انما قد يعود الأمر الى القناعة بأن تزبيط البنات يكون عادة أسهل لمن ينتحل شخصية فنان تمزقه التناضات الوجودية التي تختصرها حفة الرصيف اللي عادة بتكون قدامه.

  3. الواقع أني لا أعرف شيئاً عن المشهد الثقافي لا في حيفا ولا رام الله بحكم الغربة، ولكن تقريباً كل الكلام الذي كتبته يصح لوصف “المثقفون الجدد” في العديد من الأوساط العربية، وتحديداُ المنتشرون منهم على الانترنت، وقارفين سمانا بكتاباتهم الفيسبوكية!

  4. اتفق مع ابو المجد، المقال (أو شبه الأفكار) هي فقط للبهرجه الذاتيه، ولا تعبر عن ثقافه عامه لدى شبه الكاتب، أو حتى عن معرفه بواقع الفن في المجتمع الحيفاوي أو في رام الله.
    كما أود التأكيد بأن النقد يجب أن يكون من أجل التعمق في المشلكة (الظاهره)، تحديد الأسباب، طرح البدائل، واليات المعالجة، الدروس المستفاده، الخ.
    لا يجب فقط الاكنفاء بكتابه هزليه، لا قيمه لها، سوى أنها تسخر من واقع موجود فقط في خيال الكاتب.

  5. ابو المجد صحيح مع ان المقال( شبه ) اعتقد انحرف عن مساره وأراه كهواجس لشخص أراد التعبير عن شيء لم يوفق بنقله بصورة صحيحة ، مع الاحترام ولكني لا أرى تهريجا فيه ولا في قديتا مع أني لا أتفق مع مدير التحرير في الكثير من النقاط ولكني أحترم الموقع وأتمنى له النجاح

  6. ( تتمة التعليق السابق )وانا اعتز بذلك ماذا تريد ان نضع في بيوتنا غير النرجيله وطقم الصالون ؟؟
    انا ارى كذلك من يجلس في المقاهي انهم من خيرت فنانينا وهم ليسو حيفاويين فقط بل من كل القرى المحيطه بحيفا ونعتز بهم جميعا ان حيفا قد اصبحت كما عهدناها دائما صدرا وصرحا يضم عشرات الفنانين الذين يملأون مسرح الميدان وغريغر والادتوريوم الذي يتسع لاكثر من 1200 شخص ان من لا يملك آله موسيقيه لن يتقن العزف ابدا ومن لا يوجد في بيته كتاب فهو لن يقرأ ابدا الامه التي ليس عندها فن وموسيقى ورسم وتصوير هي امه بائسه فلتبق وحدك بائسا واترك الناس تحاول , تبدع ,وتستمتع .

  7. لومي على قديتا نعم نريد حرية الكتابه للجميع لكن ليس التهريج. يا اخ علاء، للاسف معلوماتك عن حيفا شحيحه ورديئه كنقدك الهدام هذا. اكثر البيوت العربيه في حيفا بالكاد تجد فيها الخبز ونسبة البيوت التي فيها آلات موسيقيه في القرى العربيه تفوق البيوت الحيفاويه بكثير

  8. ونشكر الله صار عنا بيانو هههه
    بس عن جد لشو الحكي انا بغار منهم هدول.. لان بسأل نفسي طب من وين بجيبوا مصاري يشتروا الكاميرات ابو عدستين.. يعني صار لي كذا سنة بشتغل،، والله كتير بشتغل، بس ما معي مصاري اشتري الكاميرا

  9. وانت من وينتا صرت “كاتب” يا مبدع؟؟

  10. علاء المقاله رهييييبة، أبدعت خايّا .. استمرررر :)

  11. وكما كان بدو يقول الزعيم الراحل : وإنها لفوضى حتى الفن !

  12. maqal sakheef jedan jedan

  13. من الطبيعي أن يتوفر في كل بيت آلات موسيقية وأدوات رسم وكتب، وأن يحاول كل شخص بكل جيل أن يتفنن ويبدع كما يحب. ومن الطبيعي والمطلوب من كل إنسان ان يصفن أحيانا ويتأمل. ومن العادي أن يكون في مجتمعنا مثلما في باقي المجتمعات أنس عازمة على إحباط المحاولات وقمع الحالمين، مثلك.
    مالك ومالهم؟ خليهن يتفننوا ياخي. يعني مين قال ان شرب القهوة مع صبية ب”الكافيه” أو استماع الفن المتلزم اشي منيح للكل؟
    ومين قال إن الفنان لا يقدر أن يكون متلقي؟
    كل واحد يحاول. وبنهاية الأمر الجمهور يقرر

  14. بحق اصبح كل من يقطن في هاتين المدينتين يعتقد انه فنانا ربانيا بفعل الجغرافيا فإذا لم يجد ما يبدعه يصبح مصورا فوتوجرافيايتحفنا بالمعارض وبنظرته الثاقبة…وخاصة الرجال والنساء في سنوات الأربعين- في مدن أخرى الموضوع عريق ومتجذر اكثر بدون هذه الهرطقات -في مدن كالقدس، عكا، الناصرة ونابلس

  15. “حالة تأمّل شنيعة لحفّة الرصيف اللي قدامه” هاي أكثر جملة ابداعية من زمن !
    هلا عن جد: كثرة اللي بفكروا حالهم فنانين في المجتمع بخلق جو فني -أو شبه فني عشان ما يزعل علاء- هذا الجو برفع امكانية اكتشاف الفنانين على صغر. إذا شفناها هيك، بكون لأ خلي ألوان الزيت تنكب على السجادة وخلي الأب منبهر كيف صارت السجادة أكثر “عفوية”.. فإذا كان الابن عنده موهبة حقيقية مش راح يستحي يحكيها لهيك أب منبهر!

  16. هادا الّي كتب المقاله صديقي , وأنا شخصيًا مبدع , هو إنت علاء حط صورتي بحد المقاله , أنا لمّا بحثّك على الكتابه قصدي تكتبلي , مش تكتب عنّي … :)
    والله , بٍشرَفي , إنك نقطة تحول بتاريخ هالأمّه ..

  17. D :D :D:
    رهيب

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>