الجبهة الشعبية ثنائية القومية لتحرير الشرق الأوسط: متى ستبدأ الثورة في إسرائيل؟

ما هو شعوركم بأن يكون الشرق الأوسط برمته مرهونًا ليادات دكتاتورية تخدم الولايات المتحدة، وكل ذلك بغية الاهتمام بتوفير المياه الجارية والغاز وسبايا الجنس والعمال الأجانب والحشيش والثقافة السامية والثقافة الهبيطة والغلمان وأسيجة الأمن المحيطة بفيللا الأغنياء الجدد؟

الجبهة الشعبية ثنائية القومية لتحرير الشرق الأوسط: متى ستبدأ الثورة في إسرائيل؟



توزيع الطعام على الفقراء في إسرائيل. من هنا ستبدأ الثورة؟؟

|أودي ألوني|


أودي ألوني

أودي ألوني

في ظهيرة نهاية أسبوع قارص في نيويورك، وأمام مبنى الأمم المتحدة، وقفنا فلسطينيين ويهودَ إسرائيليين ومصريين وتونسيين وشباب آخرين من منطقة الشرق الأوسط، وتظاهرنا انطلاقا من التضامن والأخوة مع قوى الحرية المستفيقة في الشرق الأوسط. وقد وضعنا نصب أعيننا غاية مشتركة وهي محاربة أي نظام دكتاتوي يحاول المسّ بحقوق أيّ إنسان بحياة حرة.

تظاهرنا من أجل الشعب المصري ونضاله العادل ضد دكتاتورية مبارك؛ مشينا من أجل الشعب الفلسطيني ونضاله العادل ضد نظام السلب والأبرتهايد الذي تمارسه “الديمقراطية اليهودية”؛ غنينا من أجل الشعب الإيراني وطموحه للحرية والتحرر من النظام الديني. وقد شعرنا بأننا نشارك في ثورة الياسمين التي أطلقها لنا الشعب التونسي الشجاع.

سألني عدد الأشخاص كيف أنّ “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” هي الدولة الوحيدة التي تعارض ثورة الياسمين الشرق أوسطية. تصفحتُ مواقع إسرائيلية في الإنترنت وأصابني الهلع. ففيما يدعم العالم كله العهد الجديد الديمقراطي، يُعرب قادة إسرائيل ومعلقوها الصحافيون (بمن فيهم شخصيات يسارية مرموقة) عن دعمهم التام للدكتاتورية في الشرق الأوسط.

أفضل السبل لتفسير الردود الإسرائيلية على الثورة، تكمن في الاستعانة بالفيلسوف سيلفوي جيجك، الذي يروي مرارًا أمثولة ذئب البراري في برنامج الرسوم المتحركة القديم باسم “رود رانر”. فهذا الذئب يواصل الركض في الهواء بعد أن ينتهي الجرف الصخري ولا يقع في الهاوية رأسًا. وهو يوضح أنّ ذئب البراري يفقد أية علاقة مع الواقع، بسبب نزعته الطماعة الميالة للانتحارية، وهو مؤمن إيمانًا إيديولوجيًا أعمًى بأنّ طائر الصحراء يتبع له وهو هناك كي يلبي احتياجاته.

وكذا نحن، نركض فوق هاوية من المدارك والإيديولوجيات الجوفاء أكل الدهر عليها. وكل من يجرؤ على التحذير أو التنبيه يُنبذ شرّ نبذة. ومع أنّ المعلقين المجندين يواصلون الخطأ والتخطيء مرة بعد مرة، إلا أنّ المحتّم سيأتي وسيخرج “غير الراضين” إلى الشوارع وسيصرخون صرخة تدوي عبر أصقاع العالم، وستنظر دولة بأكملها نحو الأسفل ولن ترى إلا الأرض التي سُحبت من تحتها، وعندها ستهوي إلى غياهب الواقع، وقد تتحطم هناك، حاشا وكلا.

إنطلاقا من هذا الوعي، تأسست أمام مبنى الأمم المتحدة شراكة ثورية من اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين العرب، واسمها ” الجبهة الشعبية ثنائية القومية لتحرير الشرق الأوسط”. وهي مجموعة ترى في النضال غير العنيف والعادل لتحرير فلسطين جزءًا من نضال أكبر وأرحب. إنه نضال يرى في مصطلح الحرية خطة عمل تتجاوز الديني والقومي، من خلال احترام هذه الطموحات الدينية والقومية، وتوسيع نطاقها نحو تفكير كوني.

لكن الاستمرار في الإنكار وتبطينه بالخبز والروحانيات اليهودية، في دولة إسرائيل في أيامنا الراهنة، لا يكفيه الحفاظ على مليوني نسمة فيها كقوى عاملة رخيصة وبلا حقوق، كما لا يكفيها قمع أربعة ملايين فلسطيني وإذلالهم باستمرار، ناهيك عن دفع المليوني فقير فيها إلى كره هؤلاء المقموعين بدلا من التمرد ضدنا. هنا يتضح أن إشباع شراهة “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” يُلزم بأن يكون الشرق الأوسط برمته رهينة لذلك. وعندها يُسأل السؤال: ما هو شعوركم بأن يكون الشرق الأوسط برمته مرهونًا تحت قيادات دكتاتورية تخدم صاحب السمو، الولايات المتحدة الأمريكية، وكل ذلك بغية الاهتمام بتوفير المياه الجارية والغاز وسبايا الجنس والعمال الأجانب والحشيش والثقافة السامية والثقافة الهبيطة والغلمان وأسيجة الأمن المحيطة بفيللا الأغنياء الجدد التي بنيناها وسط الغابة أو الصحراء البربرية؟

في قلب المجموعة المشتركة يعمل كل شخص على حفظ هويته الخاصة. ولكنه في المقابل يشارك في النضال من أجل قيم العدل والمساواة الكونية. المجموعة التي تمتلك حساسية للسيرورات التاريخية الجارية في منطقتنا وحتى أنها تعي المخاطر المتوقعة جراء الثورة من القوتين الرجعيتين، الإسلام الأصولي (المسلم واليهودي) والدكتاتورية البوست كولونيالية، تهتم بمصالح نخبها وحدها. ويمكن الآن أن نرى هذا الدمج الفتاك بين القوتين الرجعيتين كعنصر أساسي في الحكومة الإسرائيلية، كما يمكننا رؤية هذه القوى الهدامة في قلب المجتمع الفلسطيني.

بين هاتين القوتين الظلاميتين، نمت قوة ثالثة براقة من القوى المدينية التي تناضل من أجل طريق جديدة. من سينقذ هذه القوى من الوقوع في أيدي إيران أو أمريكا. لا يمكن أن نقف جانبًا وأن نقول في نهاية الأمر وبصوت حتميّ: لقد قلنا لكم. من الأفضل أن نشارك في ثورة الياسمين وأن نحاول خلق مكان يندمج في الشرق الأوسط، وأن يحاول هذا المكان تعريف نفسه مجددًا على أنه مكان حر.

طاقاتنا الكامنة بين البحر والنهر مركبة من مليوني فقير في إسرائيل وأربعة ملايين فلسطيني معدومي الحقوق ونصف مليون نخبوي يتملكهم الشعور بالذنب. هذه شروط ليست سيئة بالمرة لبدء الثورة.

(مقالة باسم ” الجبهة الشعبية ثنائية القومية لتحرير الشرق الأوسط”)

 


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>