غائبون لشراءِ بطاقات هواتف/ نصر جميل شعث

هو يضرب كعْبَ يده بركبته التي لا تصلّي، وينفخ بخارَ الشاي عن لحظة التخمين/ وأنا أحدّقُ إلى/ كومة القلوبِ على الخشبةِ، وفي منافض الغائبين/ لشراء بطاقات هواتف من وراء الجبل.

غائبون لشراءِ بطاقات هواتف/ نصر جميل شعث


لوحة "لاعبا الورق" للفرنسي بول سيزان


|نصر جميل شعث|


غائبون لشراءِ بطاقات هواتف

وهذه الليلةَ عندي لعينيك خبرٌ جديد:

ربحتُ الجولةَ في لعبة الورق. عشرةُ قلوب حمراء منحتني حبّ التمغّطِ في وجه الصديق.

اثنانِ يطحنان الحنينَ في الهواء: شاعرٌ من “غزة” ورجلٌ واقعيّ طيّب من “دار فور”.

لكلّ واحدٍ منّا لكْنَته التي تَتَصرّفُ بلغةِGrethe * المُدرّسةِ المَرحة.

هو يضرب كعْبَ يده بركبته التي لا تصلّي، وينفخ بخارَ الشاي عن لحظة التخمين.

وأنا أحدّقُ إلى كومة القلوبِ على الخشبةِ، وفي منافض الغائبين

لشراء بطاقات هواتف من وراء الجبل.

حين ألقيتُ بيدي تحتَ الطاولةِ، ونَقرتُ بإظفر الشاهدِ على مفصل رِجْلها؛

خمّنَ الرجلُ الواقعيّ الطيّبُ أنني أخبّئُ ورقة العَشرةِ قلوب، قبل بداية الجولة!

(* مدرّسة اللغة النروجية في مدينة أو جزيرة سفولفار الواقعة أعلى شمال النروج، وتعتبر موسكو أقرب الى المدينة المذكورة من أوسلو العاصمة.)


لا وزن لغيابكِ

لا وزنَ لغيابِكِ

هو بخفّة الكأس التي انقلبت على أريكة من إسفنج.

هو ثقيلٌ كدعابة امتلأت بنيّاتِ السماء في عينيكِ.

هو مجدول كظهر كرسيّ يحجب رؤيةَ الساعة المتروكة

على الطاولة ليومين، بجانب كِسرة خبز وزجاجة طحلبيّة.

لا وزن لغيابكِ

هو قطار سريع تقوده عواطفُ الراكبين.

ومن قلقي أسمّي كومة الماء تحت القصيدة رئةً تتنفّس هواء ستارةِ تحرّكها الرموش،

وأبرّر سقوط الثلج بغزارة على جناح الغابة القريب!

لا وزن لغيابكِ

هو ليس قاموسًا في حقيبةٍ، ولا خارطةً أو رأسًا في خيال.

هو ظلّ كلمةٍ عند البحيرةِ صارت بيتـًا كالمثلثِ من خشبٍ، سطحُه انقلابُ قاربٍ

(هكذا مازحني صديقيّ العراقيّ)

وصححتُ، رغم غيابك هذه الليلة أيضًا:

البيتُ قاربٌ إذا أتى الطوفان!


خمس دقائق لحضنك مرتين

أعطنِي خمسَ دقائق لأثبتَ لك أنني لا أبالغ كالشعراءِ صانعي التماثيل من وسخ أظافر الشيطان،

وذابحي الطيور التي بالغ السجناء في عدّها بشعاعاتٍ استلّت من تلاقي الشمس والشيطان الذي لا ينام.

نحن لم ننم كسائر المرضى، لكن إذا فكرنا في النوم ننام.

ولم نسافر في التفاصيل، إلا لنسرعَ في وصف الأجندةِ بالحبلى!

خمسَ دقائق أوسع من أيّ عتبة و من كل هدنة.

خمسَ دقائق زمنا لحضنك مرتين لا على عتبة بيتٍ ولا على سلّم مقهى، ولا تحت صيف مزراب قديم.

خمس دقائق لتصريف دموع عاشق غادر مراياه وراء ظهرك؛

لأجل الصمود في وجه عاشقة لم تغادر المرآة.

خمس دقائق قبل أن يجمدَ ماء النشيد، قبل أن ينقص في عين ويغلي في أخرى،

وقبل أن تحزَ في نفسي زاوية الغياب.

أعرفُ لا تحبّين الأخطاءَ الجديدة ولا الضحكَ الثقيل

لم أسرق من لسانك معرفة الظلال،  لكن حضورًا فائضًا كالرمل عن رقبتك اللدنة الظمأى والأشبه بخشبةِ رقّ العجين ما زال عليها غبارُ القمح و صدى الأساور وأثرٌ من رائحة الجوع هناك؛

لكنّ احتمالاً عاليًا كموجة السمّان… يقول:

خمس دقائق كافية أيضًا، ليؤمّنَ السقوطُ غيمةً من

خمس دقائق تشربُها كثافةُ شَعرك الذي يكفي جمالُه ساعةَ الحائط عن التطلع في المرآة.

خمس دقائق للعاشق، كي يخبّئ الماء في اسفنج كتفيك،

ويعيد التطابق بين ظهركِ والقميص الشفاف الفضفاض.


أشياء لامعة

سأخبرُ ذهابَكِ الإضطراريّ هذا الليل أنَ صوتك الذي أعادَ نظرتي إلى الساعة؛

دليلُ عينيّ التي قابلتِ المرآةَ عرَضًا وهي تبحثُ عن أِشياء أوّلها:

مفتاحُ الزجاجة اللامع كجناح طائرة في نافلة السحاب.

سأخبرُ ذهابك الإضطراريّ هذا الليل أنّ يديَ الصافنة فوق ركبتي مركبٌ على جبل.

وسأخبرُ ذهابَك الإضطراريّ عن ريح عمّرتِ المسافةَ بين وجهي ووجهكِ برسومٍ جلبتْها من كراريس الصغارِ:

جرس ببُحة اللون الشفيفِ، وحصانٌ ممسوسٌ من رقبته بما يشبه طريقًا من ظلّ تمشي عليه الحياةُ

مُحمّلة بنهرٍ رياضيّ؛ على أسماءِ روافدِه تقع هدايا يُغلّفها حدسٌ يُعمّد كلّ أشيائي في يديك، وأولها:

مفتاح الزجاجة اللامع كجناح طائرةٍ في نافلة السحاب…!

لا ندم في القصيدة

الليلة أيضًا، سأخبرُ طريقَ القدْس التي تقصدينها غدًا أن

لا ندم في القصيدة؛ لأنّ النارَ التي حرَقت أصابعي أبعدَتْ فمي وطهّرته من دم الأخطاء.

وأحتاج أن أقول لهبوبٍ في رجوعكِ الإضطراريّ، قَسَمَ بخصلةِ شَعرِكِ الحُرّ سطوعَ جبهتك الجميلة أنّ:

ثمة تاريخًا للأمل في لسانٍ إمراةٍ تشبهك استراحَ على سطح لساني، قبل أصباغ الشراب.

حتى بعد القهوةِ هو لوحٌ لكتابةِ أسماء الشهداء بأسنانٍ بيضاء تجرفُ الليل، وتقضم التفاحة،

وتقدحُ.. وهي تَطأ حافة الفنجان!

(فلسطين/ النرويج)


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

2 تعقيبات

  1. رائع حتى الوجع يا نصر يا جميل

  2. لسه عم تاكل صندويشات انطولجيا من الصبح؟
    شعرك حلو ياضرسان والله عجبني
    استمر وفي شغلة نحن ساكنين بجزر لوفوتن وما اسمها جزيرة سفولفار

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>