مصر رجعت كاملة لينا… واحنا اليوم في عيد/ رشا نجدي

شهادة حية وخاصة بـ “قديتا” من رشا نجدي المتواجدة في القاهرة، تكتب فيها عن سير الأحداث وتطورها، والكثير من المعلومات والتفاصيل حتى عشية اليوم الجمعة

مصر رجعت كاملة لينا… واحنا اليوم في عيد/ رشا نجدي

|رشا نجدي|


“بلدنا بترجعلنا يا رشا”- هكذا حدثني صديق لينهي لي يوما من القلق ومتابعة الأخبار.

أحسست بعدها بأنني أستطيع النوم وأنا أستعد ليوم جديد يحمل معه المزيد من الاحتجاج والرفض لا اعرف ان كان يحمل املا، لكنه حتما تغيير يحصل.

الناس ما زالوا يشحذون الهمم للتلاقي غدأ والاستمرار بالتحركات للمساهمة في اتعاب أجهزة الامن قبل المظاهرة المرتقبة يوم الجمعة (اليوم).

صديق آخر حدثني عن مشاركته في المظاهرة قائلا: أنا اليوم فخور أنني مصري.

الناس كانت تهتف شعارًا واحدًا: الشعب يريد إسقاط النظام!

نعم المطلب كان واضحًا لهذه الدرجة، وردّده الآلاف من ميدان التحرير إلى شبرا ومن القاهرة حتى سيناء.

خبرني عن شعور التكاتف الموجود بين المعتصمين وكيف ان الناس يدعمون ويساندون بعضهم بعضا؛ فمن يقع يرفعه الناس من حوله ومن تعتقله الشرطة تحاول الناس فكه منهم.

طبعا هذه الصورة الجميلة للاعتصام لم تكن الطريقة التي انتهى عليها. ففي الساعة الواحدة من صباح يوم 26 صدر الامر بتفريق الجموع بأية طريقة. خراطيم المياه، القنابل المسيلة للدموع، الاعتقالات وكل الطرق تم استعمالها، ظنا من النظام أنهم اخمدوا الغضب الذي تفجر يوم 25.

صباح 26 حمل معه أخبارًا عن اعتقالات بعض الأصدقاء وإصابة أصدقاء آخرين.

ولكن لم يمرّ قسط كبير من اليوم حتى بدأت أخبار المظاهرات واستمرارها في عدة مناطق.

ميزة يوم 26 أنّ التحركات فيه كانت بشكل فطريّ، فما أن تفض مظاهرة هنا حتى تتم واحدة اخرى هناك. فبعد أن تصلك اخبار فض المظاهرة في رمسيس تطالعك أخبار خروج مظاهرة في ميدان طلعت حرب.

ميدان طلعت حرب شهد الكثير من المواجهات، ووصلت الكثير من الاخبار عن استعمال الامن لبطلجية لضرب المتظاهرين بالسلاح الأبيض.

أما المواجهات الاكبر فكانت تحصل خارج القاهرة: ففي سيناء سيطر المتظاهرين على قسم الشرطة. وعلى آخر النهار، كان المصريين على امتداد البلد يستعيدون أغاني المقاومة في السويس بعد وصول اخبار المواجهات الحاصلة هناك التي انتهت في آخر النهار على الشكل التالي:

بيان بكل الخسائر فى السويس على لسان أحد السوايسة؛
حريق فى قسم الاربعين؛
حريق فى قسم المثلث؛
حريق فى الامن الغذائي؛
حريق فى ميدان الترعه؛

حريق في قسم الاربعين؛

حريق في حي الاربعين؛

حريق في الكثير من العربيات؛

حريق في شارع صدقي؛

حريق في الحزب الوطني؛

حريق مجلس الشرطة؛

حريق عربيات الشرطة؛

حريق اكشاك العيش؛

حريق شارع براديس؛

تكسير محل كنتاكي؛

تكسير أحد البنوك؛

حريق بنزينة؛

حريق ادارة المرور؛

الأخبار القادمة من السويس تؤكد ان الواقفين على تنظيم التحركات اثنان من كبار السن الذين شاركوا في حركات المقاومة سابقا.

يوم 26 هو اليوم الذي أكّد أن ما حصل لم يكن عفويًا وأن استمرار التحرّكات هو الذي سيقود الى تحقيق المطالب، وبدء الدعوات للتظاهر بشكل كثيف يوم الجمعة بعد الصلاة.

كما استمرت الدعوات باستمرار التظاهر يوم الخميس حتى لا يتركوا فرصة للأمن ليرتاح.


فايسبوك وتويتر والثورة

بالاضافة الى الدور الهام الذي لعبه فايسبوك بالتحضير للتحرك يوم 25، عبر استعمال فيديوهات كثيرة تدعو للتظاهر وتبين الاسباب، فإنه ما زال يلعب دورا في استمرار الاحداث. يوم 26 بدأت مجموعة تحركات من نوع “أنا سأنهي عملي في تمام الساعة الخامسة لمن يجب أن أنضم وأين؟”

ما ساهم أيضًا في استمرار التحركات وازديادها خصوصًا في النصف الثاني من النهار.

أما بالنسبة للتحرّكات على الأرض فلا تكاد مظاهرة تخرج حتى تجد من يشارك المعلومة وتتواصل التفاصيل عنها. كل ذلك من دون ذكر الرسائل التي تمت مشاركتها حول كيف التعاطي مع الغاز المسيل للدموع، والاحتماء من الأمن، ما الذي يجب أن تأخذه معك عند توجّهك الى المظاهرة…

دون ذكر الرسائل التي يرسلها تونسيون مضمنينها نصائح وارشادات عن خطوات يجب اتباعها للوصول الى التغيير.

بالاضاقة الى كل الصور والفيديوهات التي نجحت في لفت النظر الى الذي يحصل في الشارع بدلا عن القنوات الاخبارية التي فشلت في اليوم بالتظاهر بالقيام بالتغطية اللازمة وبالوصول الى المواد الكافية عن تحركات الشارع.

والحراك الاكبر حصل عندما تم اقفال موقعي تويتر وفايسبوك: فلم تمر ساعات حتى بدأت الرسائل تصل حول كيفية الدخول الى هذه المواقع وبطرق مختلفة.

كل هذا الحراك الافتراضي انتهى يوم 26 بالنجاح بإقفال موقع الرئاسة المصرية الإلكتروني الرسمي.


المعتقلون والمخطفون

في يوم 25 تم اعتقال وخطف الكثير من المشاركين في الاعتصامات. ولنا ان نتخيل ظروف الاعتقال.

أما يوم 26 فكانت الامور اصعب قليلا؛ فكل من يمر من ميدان التحرير سيرًا على الاقدام كان يتم ايقافه واعتقاله. الاسوأ في كل الموضوع أن الكثير من المعتقلين تم عرضهم على النيابة ما يعني أنهم سيمثلون أمام المحكمة لاحقا، أما التهم الموجهة لهم فوصلت إلى حد التآمر والتحريض على قلب نظام الحكم.

ناهيك عن ظروف الاعتقال فقاد وصلت أخبار بأن المعتقلين في قسم السلام وصل عددهم إلى 250 معتقلا في زنزانة واحدة.

من الجدير ذكره أنّ ظروف الإفراج عن المعتقلين ليست بأفضل من ظروف اعتقالهم. فقد تم اطلاق الكثير من المعتقلين صباح 27 عند الساعة الثانية والثالثة فجرًا من دون تلفوناتهم.

صباح 27 يحمل بشائر أكثر: فالعمال تظاهروا في حلوان صباحًا والمحامون اعتصموا أمام نقابتهم ويتظاهر المثقفون ظهرًا، أما الفنانين والسينمائيين فييتظاهرون مساءً أمام نقابتهم.

ويستمر العمل على التحضير لمظاهرة الجمعة بعد الصلاة، والتي اكد البرادعي أنه سيشارك فيها.

على الرغم من القلق الذي يرافق المرحلة، خصوصًا أنّ الحراك يحدث من دون وجود مؤشرات على الذي سيحصل لاحقا.

الا أن الخوف من سيطرة الإخوان المسلمين، يبدو الآن أحد وسائل النظام في تخويف الناس من التغيير. فالاخوان هم الأبطأ في التفاعل مع الحدث وأتى بيانهم البارحة على أنه لا مانع لديهم من مشاركة مناصريهم.

على عكس حزب الوفد الذي شارك في الدعوة للتظاهر وجدّد الدعوة للمشاركة في مظاهرة الغد. ومن الجهة الأخرى البرادعي الذي قرر أن يعود ليقف بجانب الشباب المصري الذي قرر التغيير.


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>