نهنهني الليل/ مظفر النواب

نـَهـنهـي الـلـيلُ
على كَـتـفـيْ بسـتانِ الـلـوز
وكان الصمـتُ نـبـي
خافـِتـَةٌ من زمني الطفلي على البعدِ بكت

نهنهني الليل/ مظفر النواب

نـَهـنهـي الـلـيلُ
على كَـتـفـيْ بسـتانِ الـلـوز
وكان الصمـتُ نـبـي
خافـِتـَةٌ من زمني الطفلي على البعدِ بكت

>> لسماع القصيدة بصوت الشاعر

وتـغـَمَّدني برحـيـمِ الريحـان أبي
ولقد يـَسكـُنني الطـلُّ فـأَسْكـُن
أو يـَتـحـرَّكُ بالـرفـعِ قـَمـيـصي
أو أكسرٌ بعضَ العـُشُبِ
وحِـمـاري يـَتـركُ في الـليلِ مجَـرةَ حُـزْنٍ بـيـضاء
يـُخـوِّضُ فـي العِـشـق يـُشاركنـي طَـرَبي
طَـرِبٌ بالـكون ومن لا يـَطْـرَبُ بالكَـون غَـبـي
مـن ظـنَّ أُبـدِّلُ نـَعـلا مِـنه بـكَـنْـزٍ
يـُخـطـيءُ فـي التـعـَبِ
قَـرفَـصْـتُ لأخْـصـُفَ بَـعـضَ الصَّـبـرِ على النـهر
فـفاضتْ لـُغَـة بـمَـزامـيـر القـَصَـب
أنا من أخـتـمُ سُـبـحـانَ اللّهِ كـِتـاب العِـشْق
أَيـُخـتـمُ بـالـصـمتِ علـى قـربـي
أيتـها الـلغـةُ المُـرضِـعُ بـيـنَ كِـرامِ النَّـخـل
مـُذِ الشَّـمـسُ فـتـاةٌ
والبـدرُ صبـيٌ عـربـيٌ يـلعَـبُ بالشُّـهـب
إن كان نـفانـيَ مَـن يـَتـجَـر بالبعثِ العربي عَمـاً
فـأيائـل مـكـة في نـَسـبي
أولُ مـا يـُتـلى فـي العـشق وبـعـدي
يـتـلوا العـُشـاقُ ومـن لَـهـبـي
لـيَ فـي الـكـون حَـبـيـبٌ
يفتـحُ أزهـارَ المُـشمُـش في الـلـيـل
يـُغـازلـها أو يـُمـطِـر
أو يـصْـعَـد في الحَـبَـبِ
وضـعَـتـْني أمِّـي في البُستان لديه
يُـهجـئُنـي الوردَ وقالـت لأبي
سأكـونُ النـذرَ فلـم يـُجب
ووفـى الـنَّـذر
فـإن مـآذن شِعـري تَـتـكبـر أن تـَتـزيـن بالذهـبِ
تـَذهـبُ فـي الصـحـو
ويـعتذرُ الصحـو إلـيها، هـو يأتـي
فالـصحو يـُحبُ بـلادَ الـعَـرب
عَـرب رضَـعـوا الـعِـزة
شُمٌ ..أَنـُفٌ..
لا عَـربٌ حَـلبـوا الخـنزيـرَ
فـبـالَ من الـحَـلَـبِ
استـعـري يـا نـارُ
مَعـاذَ الله أؤجِّـل عوداً من حـَطَـب
استـعـري وهِـبـي
أو فـاسْتـَعري لمُجـرد أن تـستعـري
فأنا الـعـاشقُ
لا أركـضُ بيـن العـلـةِ والسبَبِ
أَشـرفـْتُ على الزَجَـل البـاكِـر لـلنـهـر
ورَحْـلُ حِـمـاريَ مـملـوءٌ بـنـجـوم الـليـل
وفجـْرٌ يهـتز بأولِ ما يهتز من الزغَبِ
قلبيَ مبثـوثٌ بين عصـافيـر النـهر
وألـتـفُّ مـن الشـوقِ كـما يلتـفُّ خـطيرُُ السحبِ
فعلى محـضِ ذراعيـن مـن المـسْكِ
مـنـازلُ أهـلي
وبُـعـداهُ ذِراعـان
همـا أقطارُ الكون من الخَبـب
كيـف عبـرتُ ولـَم ..؟
فـَأنـَا فـي الطَـرفـيـن مِـن النَّـهـر
كأنَّ الكـوفـةَ في حَـلَبِ
وطَـنـي أنّى يـنـطـقُ بـالـعــربـيـةِ صـافـيـةً
من درنِ القطريةِ والكذبِ
وبـعـمق الـتاريـخ ورفـعة عين الصقر
أحنُّ إلى الوحدة
والوحلُ يضاعفُ أن أزْلقَ
والقاتلُ في طلبِ
ذئبٌ يتأسفُ بالأنيابِ
وأفعاهُ تـَلفُّ عليهِ مِن الذَنـَبِ
وضَـعَ الحَـربَ بغـيـر مكانِ الحربِ
وحيثُ الحربُ تقـلـدَ سـيـفـين من الخَشَبِ
أسرعْ نصلُ السلميةَ قبلَ الليل
لعلَّ أنيساً أو صهلَ الشوقُ
فعبدُالناصر في النقـبِ
ما زال يقاتلُ أو قدرٌ فيه يقاتلٌ بالدمِّ وبالعصب
ستتابـِعك الأجهزةُ المسعورةُ إياها
بمُسجـِّلةٍ وضميرٍ خَـرِبِ
مَسلوبونَ وحتى في النوم يعـضـون من الكَـلَبِ
هذا السوس
فإن لم يُـقضَ عليه تسَوسَ كُـلَّ الوطن العربي
آمنت بهذا الصاعـق
في الحُسن شظاياه وفي الحان وفي الكـُتب
نشوان يقلب في الجمر قـلوب الحكام
ويَضحك في اللهب
يُؤخذ للتحقيق فيَخرجُ
قد حَـقق أن الدولة من خـَشَبِ
ويميـز بين الوحدة بالشَعْبِ
وبين الوحدة بالشُعَبِ
هذي الوحدة للشَعب أعنّـتُـها
سأُصالـحُ دهري
أو ظل عِنان بيد أخرى
فأنا غضبي نارٌ ودمي نارٌ
وأدمر من يتراجع أو يتلوى
أو يتحجج بالركب عن الركب
أَطلب أن يـُفتح باب السجن
ويـُطلقَ من خالف في العشق
وما خالف في العـفة والطرب
ولقد أنت وعدت ووعدك لا بد أَبيّ
بالوحدة هذا طلبي
وأزيلوا الُّـلجم فأن المرض الأول كان لِجاماً
طـوّرهُ النـفط فصار من الذهب
عَبدوا النفط إلها قـُطريـا
والنفط من الله سلاح العرب
ليكن هذا النفط فدائياُ أو ننسفه
ونعيش على العزة والحَطَب
ولتجربة أقترح النَّسفَ الأول نجدا
أَدَبا للنفط فإن النفط بلا أدَب
لا يسند ظهري كالنخلة
والبرقُ أقـلُّ كثيرا في السُحُب الأخرى من سُحبي
كنت بأعلى النهرين أُساقي القمح
وأمسح بالثوب خدود البصل التَّـرِب
وترصدني الذئب فقد نام الحَيُّ
وكِدْتُ من التـعـب
ويمن الله بقافلة للشام
فتحمل لي قِـرَبي
لم أُطق الصمت على ما يحدث في الشام
فأمصرتُ ولاقتني مصر
ودمعتها بين الجفن وبين الهدب
طوفتُ بأضرحة الشهداء
وكل ضريحٍ يُمسك بي
مصر إلى الوحدة قادمة
مصر إلى الوحدة قادمة
كلا نذهب نحن إليها
أُمُّ معـاركـنا الكبرى والسببِ الخـَصِب
وأَطل الفجر أنا عَـدَنٌ
وحماري مما الريح بنا تعصف في عَجَب
لم أَلق حدودا لا تختُـمُ بالـقَهْر
وتمنعنا جَـنَفاً وتـُفتـشُ عن سببِ
بلـدٌ لا نـخرجُ منه..بلـدٌ لا نـدخله
أو ندخل بالعشقِ وتُـخرجنا الشرطةُ بالـعَـطَب
قسماً بالخبز وبالماء وبالرُطَب
قسماً بتراب أبي
لن أتأخر عن سيف يـُشهر ضد الـقمع
ورأسُ أفاعيه بنجدٍ والناب
وثَم أفاع نابان لها في الذَنـَب
حلف أفاعٍ يتوزع في هذا الليل
فإن شم لهيباً لَزِم الجُـحْر وراقـب عن قـُرُب
أو يتـوزع أدوارا أخْـطَرها الصِّـل
بملمسه الرطب
ناركَ ناركَ ناركَ واقـحم
فلقد دخلوا الكعبة للقتل
وصُفي شعب بين الحُـجُب
لـغمـار الأزمنة الغامرة الخِصبِ
أمد يداً في خاتـمها دمعة شوق للوحدة
من جفن المتنبيء جَـفَّ الأمراء وما جفت..
ويجفون وتبقى الوحدة والشَّعـب
وكأس المتنبيء والعـنـب
صَممٌ في أذني لكـثرة ما سُميت غريباً
وتداولني البـيْنُ على الغرب
وصداحي يجتذب الخطر الصِّـرْف
فما أمزج بالماء العذب
أعرف أن القاتل خلف حذائي
في الشارع في السلم في الغرفة
في المسموحِ من الكتب
رحِب وطني بالطير وبالبسطاء وبالعشق وباليَلَب
ويضيق قـقبر بالسلطة
والفطرة ليس لها من سبب
مهما اكتحل الثعلب ليس ظَبـي
ومن العيب تـُحط القومية فوق المشجب
في حفلات العرس
ونلبس في طُـنُب
طُـنُبٌ عرب ليس جدالا في ذلك
والنبطية تلك أليس من العرب؟
أهنا في العرب النُّـجُب وهنا في العرب الجُنُب ؟
قبلت عيون قوافل تخرج للشام بمحض الشوق
فما زلت أعشق حتى يكتمل العقد
بحانتها عتبي
في أكثر من سجن لي أحباب
دخلوا عن سبب أكثر من سبب
اطلب أن يطلق أحبابي
إن ليس مشاركة في الحرب
مشاركة في السد من النوب
أول حتى للوحدة هذا
وأنا مثل الوحدة لا أتراجع عن طلبي
إن ركب الجو النسر سينقض شهابا
أو سجن النسر يمد الرأس من القضبان
يحدق في الشهب
وأجيء إلى صدرك يا شام
تداوين جروحي منك
وحد لساني عهدك بي
أو ليس من التعبئة العربية
إلا يترك في السجن فتى عربي
ولكي لا يلتبس المسك
فأحبابي يرفع كل زنزانته من داخلها وينقض بملحمة الطرب

المحرر(ة): مدير الموقع

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>