وحدة القتل التي أخفاها البنتاغون

على الرغم من إلحاق ضرر كبير وخسارات فادحة في صفوف تنظيم الفيتكونغ فإنّ خطّة الفينيكس بقسوتها وعدم انضباطها وقلّة أخلاقيّاتها لم تنجح في كسر التنظيم المقاوم. من هنا تأتي المقارنة مع وحدة 373 المنتشرة في أرجاء أفغانستان ليعيد التّاريخ نفسه

وحدة القتل التي أخفاها البنتاغون

أفراد من وحدة القتل. التاريخ يعيد نفسه...

أفراد من وحدة القتل. التاريخ يعيد نفسه...

..

|خدمة إخبارية|

كشف موقع ويكيليكس* نشاطات وحدة الإغتيالات الأمريكيّة الناشطة في أفغانستان، إذ قام الموقع بتحميل عشرات آلاف الوثائق التابعة للجيش الأمريكيّ وقوات حلف النّاتو، بعد أن سرب الجنديّ برادلي مانينغ هذه الملفّات للموقع، الأمر الّذي أدّى إلى اعتقاله لـ “مساسه الخطير بأمن الولايات المتّحدة الأمريكيّة”.

بيّنت هذه الوثائق صورة قاتمة للتواجد العسكريّ الأمريكيّ في أفغانستان، وكشفت عن نشاط وحدة 373، والتي تمّ إنشاؤها لأجل تصفية واغتيال رجال طالبان والقاعدة، إلاّ أنّ كثيرين من ضحاياها كانوا نساء وأطفالاً ومواطنين أبرياء. تقوم وزارة “الدّفاع” الأمريكيّة البنتاغون، بإرسال أوامر مباشرة إلى وحدة 373 في أفغانستان والتي تقوم بدورها بالتنفيذ. وقد شدّد البنتاغون على سرّيّة هذه الوحدة وعملها على إخفاء كلّ دليل عينيّ. كما أخفت الولايات المتّحدة حقيقة وجود هذه الوحدة عن حليفاتها في الحرب.
في شهر أيار 2008، ونتيجة لأعمال هذه الوحدة في أفغانستان، تمّ استدعاء مبعوث الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان الذي قدم كي يفحص ظروف مقتل العديد من المواطنين الأبرياء بطريقة غامضة.

حصدت وحدة الفينيكس هذه عددًا خياليًا من المواطنين الأبرياء في الوقت الّذي أُعدّت فيه لتصفية رجال المقاومة فقط

تستحضر تفاصيل عمليات وحدة 373 الأمريكيّة إلى حدّ كبير الذّكريات الأليمة الّتي تسبب بها الجيش الأمريكيّ قبل أربعين عامًا في الحرب الوحشية التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكيّة ضدّ فيتنام. وحدة 373 هي المقابل لخطة “فينيكس” الّتي وضعتها الولايات المتّحدة للإطاحة بمقاومة الفيتكونغ.
حصدت وحدة الفينيكس هذه عددًا خياليًا من المواطنين الأبرياء في الوقت الّذي أُعدّت فيه لتصفية رجال المقاومة فقط. لم يكن قتل هذه الوحدة انتقائيًا؛ فقد وقع ضحيّتها الكثير من المواطنين الأبرياء. تمّ حينها وصم تهمة الانتماء للفيتكونغ بسهولة بالغة، الأمر الّذي شكّل رخصة قتل. كلّ شيء شرعيّ ومتاح من الخطف، التعذيب، الاعتقال طويل الأمد دون محاكمة، والقتل. وفي هذا السياق يقول وكيل المخابرات الأمريكية لوسيان كوناين واصفًا إرهاب الدّولة: “كانت هذه طريقًا ممتازة للابتزاز: إذا لم تفعل ما آمرك به، فأنت عضو في الفيتكونغ”. جاءت خطّة الفينيكس الأمريكيّة بعد مرور سنوات طويلة وعديدة على تورّط الجيش الأمريكيّ بالوحل الفيتناميّ. وعلى سبيل المثال لا الحصر نُدرِج أقوال العسكريّ وليام كيلي واصفًا فظائع الجرائم التي ارتكبتها الوحدة. ففي المجزرة الّتي تمّت بقرية ماي-لاي في آذار عام 1968 وصلت فظاعة المجزرة إلى حدّ ذبح وقتل أكثر من 300 امرأة وطفل ومسنّ وحرق القرية بكاملها. صرّح كيلي أنّه لم يشعر بأنّه قتل بشرًا “وإنّما حيوانات لا يمكن التّحدّث معها”. وقد اعترف أحد قائدي هذه الحملة بأنّها “حصدت” أكثر من 76282 فيتناميًا، قُتل أكثر من 31% منهم- أي أكثر من عشرين ألفًا.
جديرٌ بالذّكر أنّه على الرغم من إلحاق ضرر كبير وخسارات فادحة في صفوف تنظيم الفيتكونغ (اعتقالات وتعذيب وقتل) فإنّ خطّة الفينيكس بقسوتها وعدم انضباطها وقلّة أخلاقيّاتها لم تنجح في كسر التنظيم المقاوم أو القضاء عليه.
من هنا تأتي المقارنة مع وحدة 373 المنتشرة في أرجاء أفغانستان ليعيد التّاريخ نفسه رغم كلّ الأهوال الّتي خلّفتها الحرب الأمريكيّة على فيتنام. ويأتي سؤال نجاعة هذه الخطط وشرعيّتها، في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات الأمريكيّة والدّوليّة بإعادة الجنود إلى بلادهم.

(وكالات الأنباء)

_________________

(*) موقع ويكيليكس  (Wikileaks) ومعناها “تسريبات الويكي”: موقع إنترنت يمكّن موظفي الهيئات الحكومية والشركات من نشر وثائق سرية وفضح أسرار مؤسساتهم مع إبقاء هوية هؤلاء الموظفين طي الكتمان. ويكون هذا عادة بهدف كشف الفساد داخل تلك المؤسسات. ويقع مكان استضافة الموقع في السويد. وقد حظرت الموقع بعض الدول مثل الصين. ويستخدم ويكيليكس تقنية ويكي للسماح للمستخدمين بتحرير وإضافة المحتويات للموقع. وفي شباط 2008 قام مصرف سويسري برفع دعوى على ويكيليكس في أميركا بعد أن نشر ويكيليكس مزاعم عن أنشطة غير مشروعة للمصرف في جزر كيمان. وقد نتج عن هذه القضية حظر استخدام اسم النطاق  wikileaks.org، لكن الموقع تحايل على هذا باستخدام أسماء نطاقات أخرى مثل http://wikileaks.be.  هذا مع الإشارة إلى صعوبة منع الموقع من الصدور على الإنترنت نظرا لتوزّعه في مناطق متفرقة.

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>