في مسيرات العودة: الزحف وكل التسميات/ بن ثابت صليبا

لماذا يجب أن تراق الدماء وتزهق الأرواح؟ هل يجوز من خلال هذه الرمزية زجّ الشباب الوطني المتحمس المشحون بالمشاعر الحقيقية والحنين المطلق للعودة الى أرض الآباء والأجداد نحو الهلاك؟

في مسيرات العودة: الزحف وكل التسميات/ بن ثابت صليبا

| بن ثابت صليبا|

بن ثابت صليبا

في ذكرى ” النكسة” أبى فلسطينيو الشتات، وعلى نحو خاص المقيمون في سوريا، إلا أن يُعيدوا التذكير باستمرار نضالهم وعدالة قضيتهم من خلال دمائهم التي سالت على الحدود. وهكذا كانت التغطية في صحيفة “الأخبار اللبنانية” حول أحداث يوم الأحد 5/6/2011 في الجولان المحتل (مسيرة العودة 2)، وهي لا تختلف بفحواها ومضمونها عن مجمل ما كتب وبُث ونشر في نفس السياق.

24 قتيلا (شهيدًا) قضوا بالمواجهات مع قوات الأحتلال، تقريبا ضعف ضحايا المواجهات السابقة في ذكرى النكبة.. والأيام تمرّ وتمضي! “دم الشهداء لن يذهب هدرًا “… لماذا؟؟ إنّ هذه الدماء الغالية التي سالت على الحدود تحتم طرح العديد والمزيد من التساؤلات، لا أن نكتفي بإطلاق المُسميات والترحم، إذا كنا حقا حريصين ألا يذهب دم الشهداء هدرًا.

يوم آخر يمر. لا يُكتب سوى المزيد من تأكيد الأرقام، والوعيد والتهديد والتجديد في الدعوة الى إحياء مسيرات تحت تنوع الأسماء. دعوات إلكترونية بمعظمها مجهولة المصدر عشوائية غير محددة الأهداف لا تنطوي ضمن أيّ برنامج سياسي واضح. كل ذلك حاصل ويمر ويمضي من دون رد فعل حقيقي من المسؤلين الفلسطينيين سوى الاستنكار، من سلطة أو قيادات لفصائل على تعدادها، من دون وقفة جدية لدراسة تداعيات ما جرى لتدارك المزيد من سفك الدماء مستقبلا!

في واقع الأمر، وبفهمي المتواضع لسير الأمور، إذا كان تنظيم مسيرات العودة والاحتجاجات يأتي فعلا تحت سقف الرمزية بحيث يكون الحدث رافعة لتذكير العالم أجمع بعدالة القضية، وبأننا مستمرون في النضال حتى تحقيق آمال ومطالب الشعب الفلسطيني، وماضون بالتمسك بحق العودة وبناء الدولة الحرة المستقلة كما بقية الشعوب، يأتي هنا السؤال: لماذا يجب أن تراق الدماء وتزهق الأرواح؟ هل يجوز من خلال هذه الرمزية زجّ الشباب الوطني المتحمس المشحون بالمشاعر الحقيقية والحنين المطلق للعودة الى أرض الآباء والأجداد نحو الهلاك؟

إلى متى هذه العبثية؟

الأهداف في نهاية المطاف تحدد استراتيجيات وأساليب العمل وطرق النضال، وذالك وفق الخيارات المطروحة والممكنة بعقلانية واتزان. ولإثبات مدى تعنت اسرائيل ورفضها الكامل للحقوق الفلسطينية، ولتبيان غطرستها وبطشها وعنصريتها وهمجية احتلالها، من غير المعقول أن يتم ذلك من خلال التضحية بالدم بهذه السهولة، فالعمل الوطني والاخلاص للقضية والقدرة على التضحية من أجل الحق والعدل لم تكن كلها مرهونة يومًا “بالاستشهاد”. أنا أعتقد أنّ من واجبنا جميعاَ وضع الأمور في نصابها، وعدم المبالغة في الرمزية والحدّ من الزحف إلى عالم الشعارات والمزاودات.


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

1 تعقيب

  1. أعتقد أن السؤال الذي يجب أن يطرح هو لماذا يطلق الجيش الإسرائيلي النار على “المهاجرين” إليها. الدول الديمقراطية في أسوء أحوالها تعتقل القادمين غير الشرعيين وتضعهم في معتقلات. توجيه اللوم لأشخاص توجهوا إلى الحدود منفذين قرارات الشرعية الدولية لا يستقيم دون التساؤل على الأقل حول شرعية إطلاق النار عليهم!

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>