للشعب ما يكفيه من القيم والأخلاق/ نايف شقور

كتب المقال لسحب النقاش السياسي الذي هو ضعيف فيه، لمنطقة هو قوي فيها، لأنها ملعبه الخاص. ولإحراج باقي الأحزاب التي وقعت في الفخ وتبلبلت من هذه الأسئلة وكيفية الإجابة عليها

للشعب ما يكفيه من القيم والأخلاق/ نايف شقور


طلاب عرب في جامعة حيفا. (ليس للمصورين علاقة بالمقالة)



|نايف شقور|

من مساوئ الفيسبوك أنه يدخلك رغماً عنك في صراعات الانتخابات الجامعية، وأنت لا ناقة لك فيها ولا جمل. فتكثر المداخلات والتعقيبات من كل مكان، وكل هذا أمامك، ويصعب عليك تجنب قراءتها، وخاصة مقال شهير كمقال “الشعب يريد قيم وأخلاق”.

ففي هذه المقالة الخالية من أيّ كلام سياسي، يحكم الكاتب على أنّ غاية الأحزاب السياسية الأخرى إقامة الحفلات “الساقطة”. ويتلطف عليها باعتراف خجول بأنها تملك “البعض” من الانجازات والمواقف، والقليل من القيم والأخلاق. ونراه يأخذ النقاش السياسي لمكان آخر بالمرة، ويحوّله إلى نقاش دينيّ، ويستعمل “الخطاب الديني” كوسيلة للوصول إلى غايته بجمع بعض أصوات “المؤمنين”.

وهنا أوافق الأخ علاء أبو دياب في مقاله الجميل “خليك “إقرأ”.. تكتبش..” على أنّ المستفيد من هذا المقال هو “الجبهة” و”التجمع”، لأنّ كل الشبان والشابات الذين يؤمنون بالعلمانية والذين قرروا مقاطعة الانتخابات، سيدخلونها الآن دفاعاً عن العلمانية.

يتوجب على الطلاب العرب الاتفاق على دستور أو نقاط أساسية غير قابلة للتغير أو التجاوز، من طرف أية جهة أو حزب حتى لو كان الأغلبية في لجنة الطلاب

ولكن من جهة أخرى أتعارض مع علاء وآخرين أجابوا على “الأسئلة الخمسة”؛ فكاتب المقال -كان من كان، ومن أيّ حزب أو كتلة كانت- لا يملك أيّ سلطان ليسأل كتلك الأسئلة، التي لا شأن لها بالسياسة، وأيّ جواب يُعطى على هذا الأسئلة يخرج عن السياسة مهما كان الجواب ذكياً، وبجوابه يصادق على سلطة السائل. ويساهم في بناء “محاكم تفتيش” جديدة ليس في الجامعة فقط لا وبل في المجتمع؛ فسنراه مستقبلا “يفتي” ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة، ووفقاً لرؤيته “المحدودة والضيقة” غير القابلة لأيّ نقاش؛ فهي بنظره الحقيقة المطلقة.

أنا أومن إيمانًا قاطعاً بأنّ الكاتب لم ينتظر أيّ جواب من أيّ فرد، بل كتب المقال لسحب النقاش السياسي الذي هو ضعيف فيه، لمنطقة هو قوي فيها، لأنها ملعبه الخاص. ولإحراج باقي الأحزاب التي وقعت في الفخ وتبلبلت من هذه الأسئلة وكيفية الإجابة عليها.

وحفاظاً على العلمانية المنشودة في مجتمعنا، يجب أن نرفض تماماً الإجابة عن تلك الأسئلة، بل يتوجّب علينا رفض طرحه لتلك الأسئلة أساساً ولحصره القيم والأخلاق في فئة من الناس دون غيرها. فقبوله للعبة الديمقراطية يلزمه بالانصياع لقوانينها- وأهمها احترام الآراء الأخرى.

وكي لا نصل إلى اليوم الذي يتوجّب على فردٍ منا أن يقف أمام مجموعة أو أخرى ليثبت “أنه على خلق”، أو ليثبت “أيمانه”، كما وقف المفكر نصر حامد أبو زيد سابقاً، يجب أن نتمسّك برفضه للإجابة على أسئلة كتلك الأسئلة.

يتوجب على الطلاب العرب الاتفاق على دستور أو نقاط أساسية غير قابلة للتغير أو التجاوز، من طرف أية جهة أو حزب حتى لو كان الأغلبية في لجنة الطلاب. وعلى أساس هذه القوانين المتفق عليها، والآخذة بجميع وجهات النظر واحترامها، تتحدّد قوانين اللعبة السياسية في الجامعة. وإذا رأى أيّ حزب أو جهة أنّ الفعالية المتفق عليها من الأغلبية لا تتناسب ومعتقداته فليقاطعها، لا أن يشتمها ويشتم الآخرين المشاركين فيها. فكلنا نختلف عن بعضنا البعض كما تختلف أفكارنا، فلا يجب أن نتصارع ونتقاتل على وصاية المجتمع. لقد أكد الشباب العربي في كل مكان أنه لا وصاية تفرض عليه، وأنّ للشعب ما يكفيه من القيم والأخلاق.


خليك “إقرأ”.. تكتبش.. / علاء أبو دياب

العلمانية هي الحل/ ثمينة حصري

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

4 تعقيبات

  1. “وحفاظاً على العلمانية المنشودة في مجتمعنا، يجب أن نرفض تماماً الإجابة عن تلك الأسئلة، بل يتوجّب علينا رفض طرحه لتلك الأسئلة أساساً ولحصره القيم والأخلاق في فئة من الناس دون غيرها. فقبوله للعبة الديمقراطية يلزمه بالانصياع لقوانينها- وأهمها احترام الآراء الأخرى.”

    اولا اذا كنت تقصد ب”مجتمعنا” المجتمع العربي فالعلمانيه غير منشوده في مجتمعنا… لان المجتمع العربي على مر التاريخ كان وما يزال من المجتمعات المحافظه وصاحبة العادات والتقاليد الحميده ال”غير متحرره”.
    ثانيا، التناقض الواضح في هذا الاقتباس: اذا كنت موجود داخل لعبه ديموقراطيه فلمذا يجب على اي طرف من الاطراف الامتناع عن طرح الاسئله او على الطرف الاخر الامتناع عن الاجابه عنها! هل لان هذه الاسئله تمس بشرف او عقيدة اي طرف! هل وثيقة الديموقراطيه تحتوي على بند الذي يمنع اي طرف او شخص ان يسأل عن ماهية اي طرف من الاطراف الاخرى؟؟!!
    ثالثا: هل لهذه الدرجه ضايقتكم 5 اسئله عن العلمانيه؟ وانتم كنتم وما زلتم تطرحون كميات هائله من الاسئله عن الدين الاسلامي وعن الحركات الاسلاميه؟!!

  2. بس الطرف الثاني مسموح يبقى يقدم كل يوم اتهام شكل ويتمصخر
    على ديني كيف بدو ويمنع المحجبه من دخول المدرسه الثانويه او الجامعه– لان الحجاب ليس من الحريات الشخصيه او الدينيه ويمنع تنوير المجتمع—-هذا كله مسموح

    تعودنا على انكم المحققين ونحن الجناه ولزام علينا درء التهم عن انفسنا واقناعكم باننا بشر بمستواكم

    هذه المصخره خلصت وانقلبت الايه بعد الثورات في بلادنا(التي هي بلادكم ايضا)

    انا شخصيا فهمت اللعبه من سنه 1998 انتم لا تمتون الى العلمانيه او الليبراليه بصله و”القوميه العربيه” منكم بريئه براءه الذئب من دم يوسف ولكنكم تتظاهرون بكل هذا لتكونوا”في حل” عند مهاجمه المسلمين ونبي المسلمي

    من الان فصاعدا سوف اسالك (السؤال اخف من التهمه)عن كل ما يحلو لي ولن تقف اسالتي عند اي خط احمر فلمده حوالي اربع عقودفعلت بي اكثر من هذا بكثير

    ملاحظه هامه : “انتم” لا تعود الى فئه اثنيه بعينها

    ارجو النشر
    (هناللك تعليقان لم ينشروااذا امتنعتم عن نشر هذا ايضا فبريحكوا من حالي وكملوا حوار اللون الواحد مع بعض )

  3. “توجب على الطلاب العرب الاتفاق على دستور أو نقاط أساسية غير قابلة للتغير أو التجاوز، من طرف أية جهة أو حزب حتى لو كان الأغلبية في لجنة الطلاب”
    صحيح جدا
    مستواك راقي جدا
    احببت اسلوبك وتهذيبك ورقيك في النقاش
    طرحت افكار من زاويتك ولكن دون ان تفرضها على احد
    ننتظر المزيد

  4. رائع جدا يا نايف..لازم تحافظ على نشاط الكتابه خلينا نستمتع في دايما:)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>