دراسة موسعة: عنف المستوطنين جزء لا يتجزأ من الاستيطان!

90% من الاعتداءات تحدث في مناطق “B” و “C” التي تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية كاملة ■ 50% من الاعتداءات ارتكبها مستوطنين من سبعة مستوطنات فقط ■ أكثر المحافظات تضررًا من عنف المستوطنين الخليل ونابلس ■ أكثر القرى تضررًا هي القرى المحاذية للشوارع الرئيسية

دراسة موسعة: عنف المستوطنين جزء لا يتجزأ من الاستيطان!

فلسطيني يحاول إطفاء حريق أشعلته سوائب المستوطنين


|خدمة إخبارية|

نشر المركز الفلسطيني التابع لصندوق القدس للثقافة والتنمية المجتمعية في العاصمة الأمريكية واشنطن مؤخرًا دراسة موسعة ومعمقة حول عنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية. وشملت الدراسة أكثر من 3000 اعتداء منفصل منذ عام 2004 حتى 2011. وصنفت الدراسة الاعتداءات بحسب نوعيتها والخسائر الناجمة عنها والقرية المتضررة والمستوطنة التي خرج منها المعتدون ومُركبات أخرى. واستمدّت الدراسة هذه المعطيات من تقارير الرصد اليومية التي تصدر عن وحدة دعم المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية.

وصنفت الدراسة اعتداءات المستوطنين إلى خمسة أنواع أساسية وهي: الاعتداءات الجسدية المباشرة والرجم بالحجارة واستباحة الممتلكات وتدميرها وإضرام النيران فيها. وتشكّل هذه الأنواع 70% من اعتداءات المستوطنين. وتتراوح الأنواع الأخرى من الاعتداءات بين الاختطاف والتحرش والمضايقة ووضع اليد على البيت أو الأرض وإطلاق النار والسرقة والدهس.

ومن الملفت للنظر أنّ الغالبية العظمى من هذه الاعتداءات تحدث وترتكب في المناطق المصنفة كمناطق“B” و“C” وهي المناطق الفلسطينية المحتلة التي تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية كاملة وتقطنها نسبة قليلة من السكان الفلسطينيين. وبالمقابل فإنّ نسبة ضئيلة فقط من هذه الاعتداءات تنفذ في مناطق A الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، علمًا أن غالبية السكان الفلسطينيين مركّزون في هذه المنطقة. وتشير الدراسة إلى تمركز كبير للاعتداءات حول الطرق الرئيسة وخصوصًا طريق نابلس- قلقيلية وفي نقاط تقاطع مناطق A, B و C وذلك حتى يتمكن المستوطنون من الفرار بسهول بعد ارتكاب اعتداءاتهم.

وعند النظر إلى عنف المستوطنين وفقا لتوزيع المحافظات الفلسطينية يظهر أنّ أغلب اعتداءات المستوطنين تنفذ في محافظات الخليل ونابلس مع أنها تحتوي على عدد أقلّ من المستوطنين مقارنة بمحافظات القدس وبيت لحم وسلفيت وقلقيلية ورام الله.


توزيع اعتداءات المستوطنين بحسب المحافظات الفلسطينية: الخليل ونابلس الأكثر تضررًا

ويستدل من هذه المعطيات وجود نوعيات مستوطنين أكثر عنفًا من نوعيات أخرى، حيث تتركز في محفظات الخليل ونابلس المستوطنات الدينية الأيديولوجية ويقطنها أكثر أنواع المستوطنين عنفًا. ومن اللافت أيضًا أنّ طبيعة الاعتداءات تختلف بين محافظة نابلس والخليل، حيث تكثر في نابلس حوادث التعدّي على الممتلكات وتدميرها وإضرام النيران، بينما تكثر في الخليل حوادث رشق الحجارة والاعتداءات الجّسدية. وتعزو الدراسة هذا الاختلاف في طبيعة الاعتداءات إلى التداخل السكاني بين المستوطنين والفلسطينيين في الخليل من جهة، وانتشار المستوطنات في محافظة نابلس بين القرى والمزارع والحقول من جهة أخرى.

وتوضح الدراسة أنّ أكثر القرى تضررًا من عنف المستوطنين على الإطلاق هي قرية بورين الواقعة غربي مدينة نابلس، يليها بفارق كبير من حيث عدد الاعتداءات قرية عراق بورين الواقعة جنوب مدينة نابلس، ومن ثم خربة صفا وقرية جيت جنوب غرب مدينة نابلس.

ويظهر من الدراسة أنّه من ضمن الاعتداءات التي تم فيها تحديد هوية المستوطن المعتدي ومكان سكناه، تصدرت مستوطنة “يتسهار” جنوب مدينة نابلس قائمة المستوطنات التي خرج منها المعتدون، تليها مستوطنة “كيدوميم” و”حفات جلعاد” و”براخا” في محافظة نابلس أيضًا، ومن ثم “كريات أربع” و”بات عاين”، قرب مدينة الخليل ومستوطنة “حلاميش” شمال مدينة رام الله. وقد خرج أكثر من 50%من المستوطنين المعتدين في هذه الاعتداءات من المستوطنات السبع المذكورة.

وعند توزيع المعطيات بحسب نوعية المستوطنة يظهر أنّ غالية الاعتداءات ارتكبها مستوطنون من المستوطنات الدينية، تليها المستوطنات المختلطة ومن ثم العلمانية وأخيرًا مستوطنات الحريديم.

ووفقًا للمعطيات التي نشرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أشارت الدراسة إلى ارتفاع كبير في عدد اعتداءات المستوطنين من سنة إلى سنة في السنوات الخمس الماضية. كما أشارت المعطيات إلى تزايد ملحوظ في الأضرار والخسائر الناجمة عن هذه الاعتداءات، الأمر الذي يدل على تزايد حدتها وعنفها. وتشير المعطيات إلى ازدياد في عنف المستوطنين مع نهاية العام 2008 وبداية العام 2009 وذلك كردٍ على أيّ تصريح أو نشاط سياسيّ إسرائيلي، يفسر على أنه يمسّ بمشروع الاستيطان، وهو ما يُعرف باسم “بطاقة السّعر”. كما تشير المعطيات إلى تزايد اعتداءات المستوطنين بشكل ملحوظ في موسم قطف الزيتون من كل عام.

وذكر يوسف منير، المدير التنفيذي لصندوق القدس، أّنّ هدف الدراسة توفير معلومات وإحصائيات دقيقة لتدعيم النقاش المستمرّ حول عنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين. “ومن خلال تجميع وتحليل 3000 اعتداء بين السنوات 2004-2011، استطعنا تسليط الضوء على أنماط عنف المستوطنين واتجاهاته التي تشير إلى أيّ القرى هي الأكثر عرضة للخطر، متى تزداد احتمالات مهاجمتها، وأيّ المستوطنات الأكثر احتمالاً لتنفيذ الهجوم وارتكاب الاعتداء. نحن نأمل أن تساهم هذه الدراسة في رفع الوعي وتغذية النقاش الدائر حول عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين والذي يشكل أحد أعراض المرض الأساسي وهو الاحتلال الإسرائيلي”.


شاهدوا فيديو عرض الدراسة في المركز الفلسطيني في واشنطن (بالإنكليزية).


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>