كي لا أسمي أحدًا/ طارق العربي

المرأةُ التي تنسى سوارَ يدها في السّرير تتركُ صوتَها في نومي
التي تسحبُ كلَّ نفسها إلى ضحكةٍ لا تعرفُ النهايات
ولا تخسرُ معركةً في الحب
التي تشبه الموسيقى، بالزنبقِ تبدأ النهار وبالزنبق تختمُ
على القلب

كي لا أسمي أحدًا/ طارق العربي

إلى غسان زقطان: جلبتُ لكَ أغنيةً من دمشق

|طارق العربي|

طارق العربي

I

العتَّال الذي يجرّ عربة الضوء وجد “حبر الغراب”

في أغنية الراعي

الراعي الذي مات

الأعمى الذي يكتبُ ليحدِّث الموتى عن الحياة فوق المنحدرات

يقول: هناك موتى لا يسمعهم أحد، هناك أحياء لا يدفنهم أحد

الأعمى الذي يرى المؤامرات طريقةَ التاريخِ لصناعةِ الصدفة

يقول: هذا الماضي ينتهي كما تنتهي الحروبُ برابحٍ وخاسرٍ

يرى بالبصيرةِ تتمةَ النهارِ على الليل وتتمةَ الموتِ على الحياة

ويقول: التجربةُ شعرُ الشاعر

والقصيدةُ صدفةٌ ثانية.

 

II

المرأةُ التي تنسى سوارَ يدها في السّرير تتركُ صوتَها في نومي

التي تسحبُ كلَّ نفسها إلى ضحكةٍ لا تعرفُ النهايات

ولا تخسرُ معركةً في الحب

التي تشبه الموسيقى، بالزنبقِ تبدأ النهار وبالزنبق تختمُ

على القلب

المرأةُ التي تقرأ الشعر

تستطيع التحكم بعشرين طفلٍ في البيت

تقودُ شعبا كاملا إلى النصر.

 

III

العتَّال الذي يمشي وحيدًا في السوقِ ينامُ وحيدًا في الليل

الذي يغازلُ ثمرةَ الدرَّاق على الشجرة

لا يشتكي من وَبَرٍ يخنق الوجه والعينين

الذي يكتبُ بحبرِ التعب

لأنه يحبُّ الآباء

قرر ألا يكتبَ أسماء الآباء أسفل القصيدة

العتَّال الذي نام يحلم بالسينما..

ذهب إلى الشِّعرِ حافياً في المنام

ولم يرجع من بحرِ التمني

العتَّال الذي كان يحلمُ مات قبلَ قليل

ولم ينتبه أحدٌ إلى جثته في الطريق..

 

IV

العاملُ الذي يقطفُ التفاح يفكِّر بخدِّ العروس تخلع ملابسها

وترتدي ما خفَّ من حرِّ حزيران

قاطفُ الليمون يفكر برائحة الليمون على رخام نهدها

وبأشيائها التي تخفُّ عند الحب

الذي يقلِّمُ أغصان داليات العنب في الجنوب

يفكر في الأغصان تنمو تحت زوجين ماتا حبًا

على سرير الماء

قاطفُ السفرجل من على السفح، يفكر في فراش العاشقة

أول كانون الثاني

قاطفُ الكرز يفكر بهشاشة الثمرة في الشمس

وهشاشة الذكور في الحب

من يقلِّم أشجار البرتقال يفكر في المرأة الخضراء ويقول:

لا يعرفُ المرأةَ من لم يقلِّم عند الصبح شجرة..

 

V

الفتى الذي مشى في الدروب لم يكن شَقي الأب والأم

لتقتله النسوةُ الناسيات في السفر

لم يفتش عن ثقبٍ في قارب الرحلة

لم يسأل عن أسماء الآباء تحت التراب

الفتي الذي وقف عند خط سرفيس دمشق/ إربد

لم يشتكِ لأحدٍ ضياع مفاتيح الروح فيها

كي لا يسمي أحداً

تعلم الأسماء كلَّها على الجبهات

ودخل في شراكِ النسيان

الفتى الذي لا أعرفه يعرف أن القتلة

مثل الله في كل مكان!

 

VI

للفتى موعدٌ في الوقوف على إشارة المرور ليفكر بالأشياء قبل أن تغيب

وله موعدٌ مع الحرب ليرى كلَّ شيء في هذا الوجود على حقيقته

ويغيب مع الموتى حتى يعودون

وله موعدٌ مع الحزن كلَّ صباح يفكر في مكان المرأة الندى

وفي العامل الذي نسي إصبعه تحت المقصّ

وله موعدٌ في جنازات الأصدقاء، يبكون ويبكي

على خسارةٍ ما لا نعرفها

وله موعدٌ مع الحياة،

ليس يائساً ولا حزيناً معه ظلي و

إن انكسر أمام امرأة عبرت نايات حزني مسرعةً

 

VII

الفتى الذي يُقطع الثوم، يُفكِر بالأشياء التي تجعل الثمرة

أَكثر حِكمةً من طبيب القلب..

هو لا يعرف أن البكتيريا لا تنمو هناك في المساحة بين القشور والبذور

هو يعرف أن الآباء لا يعرفون كيف تكون الكتابةُ على قشور الثمرة..

هو يعرف أن الآباء لا يعرفون أن المحذوفَ من النص

وجع اليدين في الليل من أثر الثوم

هو لا يعرف طريق الوصول إلى الحكمةِ الكامنةِ في النشيد

هو يعرف، أن الأنبياء كان من الممكن أن تكذب لولا وحي سريعٍ في الأربعين

….

الفتى الذي يقطِّع الثوم يقول: أبي أيضاً لا يعرفُ أني أكتب الشعر

(نابلس)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>