أحلام ناشفة/ كوليت أبو حسين

| كوليت أبو حسين| تقف على المَجلى المُطل عَلى السّاحةِ […]

أحلام ناشفة/ كوليت أبو حسين

| كوليت أبو حسين|

kolet

تقف على المَجلى المُطل عَلى السّاحةِ تُراقِب الشّبان وَهُم يلعبون كُرة القَدم بأجسادِهم الفَتيّة وَشورتاتهم الكالحة وعضلاتهم الصّغيرة البارزة..

لمْ تَكُن لتقايِض “الجلي” بأيّ منَ الأَعمالِ المَنزلية الأُخرى. فَقد كانَ الشّباكُ الذّي تُغطيّه بُرداية القـش سينما حَيّـة؛ تبدأ عُروضها كُل نهار. في السّاعةِ الواحدةِ والنّصف ظُهرًا، حين يعود الفتيان منَ المدرسةِ ليتوقفوا كُل يومٍ في السّاحة نَفسها -التي يُطلُّ عليها شُبّاكها- ليلعبوا كُـرة القَدم.

لمْ يَكن وَلعها بالكُرة كما كانت تَظنُّ قَريباتها..

فقد كان مَنظر الفتيانِ الصّغار بأجسادهم الطّرية مثلَ قطعِ المارشملو وَعضلاتهم الصّغيرة مثل بالونات الماء. وذلك الخط منَ الشّوارب النّابت فوق شفاههم. كانت جميعها تّشدُّها بشكلٍ غَريب. تُحرّك في الجَسد المُخبَّئ تحت الجلباب الرمادي قطيعَ مشاعر بريّة.. يقودها ثور فحل..

كانَت كُلّ التّفاصيلِ تُصبحُ مادةً دَسمة لأَحلامها الهَرمة.

وَفي كلّ يومٍ تَختارُ أحدهم لتلهو معه في أحلامها؛ حين تَندسّ في فَرشتها الاسفنجية التي تتغير وفقاً لحلمها اللّيلي وَمزاجها الجنسي؛ فيوماً تغدو الفرشةُ “سريرًا مائيًا” وَليلة تصبح “كنباي” مقابلة لشاشة تلفزيون مسطحة كتلك التي تراها في الإعلانات التجارية. يوماً آخر تصبح طاولة مطبخ. وفي كل الأحوال تبدأ الأحلام بفتى يَدخُل رَطباً تَفـوحُ منه رائحَـةُ العَرق النَّـدي. يَحمل كُـرة قَدمٍ في يده.. تَنتزعُها منه لتَنقضّ عَليه بشبق..


ما كانَت لتُقايضَ “الجـلي” مَهما كَثرت الصّحون وَالكاسات بشيء آخـر..

لمْ تَتذمّر يَوماً وَهذا جَعلها الـ..مَرضيّة عند الأم

(ما في زيها الله يرضى عليها بتشتغل بـتُمْ ساكت)!!


تَرفع البَرداية القَش كُل يوم في السّاعة ذاتها حين تَسمعُ صَوت ضَجيجهم ونكاتهم السّمجة.

كانَت تعرف تَقاطيع أَجسادهم جميعهم.. وَنقاط قوّتهم.. فالبَعض يَملك سَواعدَ قوية والآخر فخذين مَشدودين وَ.. ذلك الفتى الأسمر.. كان يَحملُ التّكور الأكبر بين فَخذيه..


تَدفَعُ بمُؤخّرتها إلى الوَراء بَحثاً عَن تَكوُّرٍ ما..

تَشدُّ فَخذَيْها..

تَشُدُّ عَلى اللّيفةِ بأَصابِعها..

- تفور الرّغوة ويغدو المجلى حوض استحمام يفيضُ بالرّغوة والشّهوة-

تَعْتصِرها حين تَعبرُ تِلكَ الرَّعشة السَّريعة جَسدها..

تَنُزّ فقاعاتُ “الغولدن” برائِحَةِ التُّفاح على يَديها وَيَنُزُّ سائِلٌ خَفيفٌ بِرائِحَةِ الكَبْتِ عَلى مَلابِسها الدَّاخلية..

تَشُدُّ أكثر عَلى المَجْلى..

تَكْتُمُ الصَّوت المَبْحُوح.. تُرجِع ظَهرَها إلى الوراءِ بِغَنَجٍ حَقيقيٍّ..

تَنتفِضُ بِثِقَل وَ-

تَدْخلُ وَالِدتها إلى المَطْبخِ فَجْأةً..

-         شُـو بتسوّي؟؟

-         وَلا إشـي.. ضَهري وَجّعنيّ!

تُعدّل مِن وِقفَتها وَتستوِي مُمْسِكةً بصَحنٍ لتُنظِّفه..

تَخرُج الأَم مِن المَطبخ وهي تَدْعو لَها بالرِّضى وَالسِّتر!!


تَعود الأم فَتُطلُّ برَأسها مَرّةً أخرى

-         الله يجازي الشيطان.. يلاّ بدنا نصلي العَصر جماعة!

تَردّ دُونَ أَنْ تَنظُر في عَينيها..

-         بدي أتحمم أوّل!

-         ليش يختي؟؟ جُنب!؟ يلا توضي والحكيني!

-         يمّااا؟؟

-         يلاّاا..


تَنفُض فقاعات الصابـون برائحة الشبـق والتّفاح وتمشي بتثاقل وبلا رَغبةٍ إلى الحَمام..

تَنظر إلى وَجهها في المرآة..

تُحب اللَّمعةَ في عَينيها السّوداوين كَلّ مرّة تُمارسُ أَحلامها السّرية بالخّفاء.. وَترفُض أنْ تُخبر بنات خالاتها وَأخواتها بما يمنحها ألقَ فتاة في العشرين رُغم اقترابها مِن الأَربعين..

وَتعرف أنّ ما تفعله أكثر نفعاً منْ وصفات العَطار التّي يُحضرنَها للمحافظة على بشرتِهنّ صافية وَبيضاء كما تُفضلّها كُل القَـرويات!

كيفَ ستقولُ لَهُن إنّ أَحلامها “الرّطبة” أفضَل منْ أحلامهنّ “النّاشفة” وَالمُتشققة كأَقدامِ أُمهاتِهنّ العَجائز!


الطّرقُ على البابِ يتناوب لإستعجالها

-         الصَّلاااااة!!!

تَهْمِسُ بتَأَفُّف..

-         بدّيش أَصلي!

تُفكّر قليلاَ.. أَيجبُ أَنْ تَتَوضّأ؟؟!

-         عمين بضحك؟؟!!!

تَغسِلُ وَجْهَها بسُرعَة، تُعدّلُ من حِجابها وَتخرُج بتَثاقُل

تَقفُ إلى جَنب شَقيقاتها بلا مُبالاة لتَؤُمّ بهنّ الأُم..

كانَت تُفكّرُ بِشيء آخَرَ بَعيداً عَن هذه العصْبة من النساء..

اللَّواتي لا يَحْلُمنَ بشيء وَلا يَنْتَفضْنَ لشَيء..

تَسْمعُ صَوت التَّكبير يَأتي بَعيداً من أَفواهِهنّ المُكَمَّمةِ كَأجسادِهنَّ المَيتَة..

كانَت تودّ لوْ تقطَع صلاتهُن لتطلب أن يُصلّين الجنازة!!

تُغمِضُ عَينَيها بخُشوعٍ كاذب وَتُتَمتِمُ بشيء آخر

وَ…

حينَ انحَنَت للرّكوع..

كانَت ما تَزالُ تُحِسُّ أنّها تسبحُ بالرّغوة.. وَبذلِكَ التكوّر القاسي يَتحرّكُ عَلى مُؤخّرَتها!!


المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

9 تعقيبات

  1. ساعلق على النص كاخرس يسأل عن مذاق الحلوى فيجيب بابتسامة رضى…..

  2. هناك أشياء أكثر أهمية تغري الفلسطينيات بالكتابة عنها.. اما الذي هما فهو شبق, حيواني, لا يدعوا للأنسنة بقدر ما يدعوا لتصغير مراد الإنسانة..
    البناء القصصي جيد ولكن الموضوع لا يبشر بالخير, ولا بالرقي, إذا اعتبرنا الكتابة أيديوجيا.

  3. النص رائع، أستطيع القول أنني لم أقرأه بل التهمته!
    لكن عندي سؤال للكاتبة إذا أمكنها الرد: لماذا اخترت أن تكون هذه العلاقة بين امرأة في الأربعين وبين فتية يعودون من المدرسة؟ يبدو غريبًا بالنسبة لي عدم التوافق في العمر. أم أن النص يقصد بوعي ودراية أن يكون حادًا، فعمدت إلى توظيف هذا الجانب العمري لزيادة الحدة والغرابة؟

  4. أسلوب جميل جداُ في الوصف

  5. دائما المرأة العربية تكتب بدون ان بتحرك ساكن اى من نشوتها ولكني اجد هنا ثورة جنون تكتب بقلم لا يعرف الرحمة …مدهشة حد الجنون

  6. الاعمال الابداعية خاصة في اليمن تحتاج لنوع من الجراءة والتضحية لان طبيعة المجتمع وثقافتة تعاني من قصور في التعامل مع الاعمال الابداعية خاصة التي تتناول قضايا المجتمع بنوع علمي وادبي موجز

  7. مدهش ان نرى فتيات فلسطينيات يكتبن بهذا النفس الحر

  8. جريئة,جميلة,في التمرد ابداع.

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>