من الممكن. ربما/ قصة لسارة كحيل وجمال ضاهر

أغسطس 22, 2010 نثر | 1 comment

|سارة كحيل وجمال ضاهر|

…

لا أحكي عن وطن ضاع، أحكي عن حب يحييني. أعانقه وهو يعانق البحر البعيد، يمسك بيدي ويخلق قصصا من ماء وألوان، يرسمني حبا لأبقى ذكرى، وأمسي مقدسة تمر عليّ سنين.

أحاول أن أقص قصتي أمامه، له، أبتسم من خلف زجاج لوحةٍ أصبحت بيتي. أهمس: أنت سبب ابتسامتي.

لا يسْمعني.

يمضي في طريقه، يبحث عمّا يشبهه ولا يجد.

أمضي في طريقي ألامس وجهه.

وهو، هو منذ زمن بعيد أراه يخاطبني، من هناك يراقصني، وبعد رحيل الناس أراه يأخذني… ونخطف من الوقت وقتا لنا، لنكون، أنا، هو، وأقترب منه أكثر فأنسى ما أنا وينسى ما هو، ونصير بين شغف حرارتنا واحدًا.

وينتهي وقتنا فأعود أنا خلف زجاج اللوحة، وهو خلف التراب، إلى أن يختفي حارس الزمن ونسرق مزيدا من الوقت.

كان حبا تكوّن من شغف الأرض وعشق مستحيل، حب ولد ليموت، ويبقى ذكرى تكوّن الحاضر.

“جئت من بين جمرات الشمس لأكون شمسك، تنكرت بزيّ إنسان على هذه الأرض لتجدني”، قلت له أمضي.

لم يسمعني.

ذهبت أنا من حيث أتيت، وبقي هو حيث هو، فكيف نلتقي؟

لا أسْتطيع استجداءه. قلت أمشي أمامه لعله يراني يخطو خلفي.

لم يفْعل.

قلت أقول شيئا آخر لعله يسْمعني…

ومددتُ يدي أتحسّس الظلْمة لعلها تلامس يده، مددتها رغم أني أخاف الظلمة. هناك الحقيقة تبقى حقيقة، تختفي كل الحواجز والأقنعة ونبقى نحن، فكيف أبقى وحدي معه في العتمة، حيْث العري.

هل الحقيقة ما أخاف، أم حقيقتي معه؟

صغيرة كنت عنْدما رأيته لأول مرة، بل قبل أن أولد، وقفت أنظر إليه… رأيت نفسي عارية أمامه. لم أهرب وقد أدركت أنه يرى عريي.

كان وحده من ينظر إليّ، يراني، كما أنا.

والآن وجدته

وجدته، أمسكت يده…

يدي تعرف تفاصيل وجهه، وأنامله تضيع بين خصلات شعري…

“رأيتكَ تسير في الظلمة”، قلْت له ويدي تحيطه تلامسه.

“كنت أسير نحوكِ”، قال ووجهه يقترب من وجهي.

“أشتاق لصمتكَ.”

“أتيت لأكون معكِ.”

“أنكون حقيقة أبدا؟”

“أليْس ما نفعله حقيقة؟”

“ينتهي الوقت ونعود من حيث أتينا، الفجر يمحو الظلمة، ونفترق. نمضي أياما وتنتهي حياتك، فأنهي حياتي علني أجدك في عالم آخر. أنكون معا خلف السحاب؟ أم نكون سحابا؟ أيجمعنا مكان كهذا؟”

إقترب يلتصق بجسدي أكثر، أحاطني بيديه ولم يقل شيئا.