“لن تكسروا عمرًا..!”/ أسعد موسى عودة

“لن تكسروا عمرًا..!”/ أسعد موسى عودة

يُقرأ الاسم المرسوم في حالة النّصب “عمرًا” عَمْرًا، غير الممنوع من الصّرف، ولا يُقرأ عُمَرًا، الممنوع من الصّرف. فما دام الحديث عن المناضل الحرّ عُمَر كان لا بدّ أن يكون العُنوان: لن تكسروا عمرَ

omar-f

عمر زهر الدين محمد سعد

.

|أسعد موسى عودة|

asaad-qهكذا جاء عُنوان المقال، في العدد الأخير الصّادر يوم الجمُعة الفائتة، 9 أيّار 2014، لإحدى صحفنا المحلّيّة الّتي بها نعتزّ. والغريب في الأمر أنّ عُنوان المقال يتحدّث عن عربيّ اسمُه عمرو (عَمْر)، أمّا المقال نفسه فيتحدّث عن المناضل الفِلَسطينيّ العربيّ الحرّ، زَيْن الشّباب، عُمَر زهر الدّين سعد.. فإليكم حلّ هذا اللّغز..

لقد فات صاحب المقال أو محرّره العزيزيْن أنّ العرب ميّزت – قبل عصر التّنقيط والتّحريك والتّسكين – بين الاسمين، عُمَر وعَمْر، بأن ألحقت بآخر عَمْرٍ واوًا، حيث تظهر هذه الواو في حالتيِ الرّفع والجرّ. أمّا في حالة النّصب فلا تعود إليها حاجة للتّمييز بين عُمَر وعَمْر؛ ذلك لأنّ عُمَرَ، أصلًا، ممنوع من الصّرف (لا يقبل – من جملة ما لا يقبله – تنوين الفتح المشار إليه، قديمًا (وحديثًا)، بألف الإطلاق). وعليه يُقرأ الاسم المرسوم في حالة النّصب “عمرًا” عَمْرًا، غير الممنوع من الصّرف، ولا يُقرأ عُمَرًا، الممنوع من الصّرف. فما دام الحديث عن المناضل الحرّ عُمَر كان لا بدّ أن يكون العُنوان: لن تكسروا عمرَ..

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

سَكِينة أم سُكَيْنة؟

قرأتُ، مؤخَّرًا، في غير موقع ما يلي: “أعلنت حركة “سُكَيْنة – باقة التّقدّميّة”… عن تأسيسها… وجاء حول تسمية “سُكَيْنة”… أنّها نسبة (إلى) سُكَيْنة بنت الحسين، النّموذج النّسائيّ العربيّ الإسلاميّ…”، فشدّتنيَ التّسمية إلى مزيد من كشف الفرق بين الاسمين، سَكِينة وسُكَيْنة، بوجه عامّ، علمًا أنّه – بوجه خاصّ – اختلفت بعض الرّوايات في شأن ضبط تشكيل اسم سكينة بنت الحسين بن عليّ رضي الله عنهما؛ سَكِينة أم سُكَيْنة، مع أنّه – في الغالب الأعمّ: سُكَيْنة؛ بضمّ السّين وفتح الكاف وتسكين الياء، لكنِ اسمحوا لي بهذه الإضافة من العلم.

السَّكِينة (بفتح السّين وكسر الكاف) هي الوداعة والوقار، والسَّكِينة هي الرّحمة، وقيل: هي الطُّمأنينة، وقيل: هي النَّصر. أمّا السُّكَيْنة (بضمّ السّين وفتح الكاف وتسكين الياء) فهي الأتان الخفيفة السّريعة، وبه سُمِّيت الجارية الخفيفة الرّوح سُكَيْنة (راجع “لسان العرب”). علمًا أنّ “لسان العرب” المشار إليه، تَوًّا، وغيره من المعاجم وكتب التّراجم يورد سُكَيْنة (مضمومة السّين، مفتوحة الكاف، ومسكّنة الياء) اسمًا لبنت الحسين بن عليّ رضي الله عنهما. وهي – سُكَيْنة – بالتّالي: المرأة الفتيّة، الخفيفة الرّوح، الظّريفة، النّشطة.

أمّا عن تفصيل تسمية بنت الحسين بن عليّ – رضي الله عنهما – سُكَيْنة، فقد جاء أنّ أمّها، الرَّباب بنت امرئ القيس بن عديّ الكلبيّ (ليس هو امرأ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو الكنديّ، صاحب المعلّقة؛ بل هو شاعر مُجيد من المخضرمين (أدرك الجاهليّة والإسلام) وفارس من الشّجعان، من شرفاء العشيرة. أسلم في عهد عمر بن الخطّاب، وقد زوّج بناته الثّلاث لعليّ وابنيْه الحسن والحسين، رُضوان الله عليهم أجمعين) – لقّبتها (أمّها الرَّباب) سُكَيْنة؛ لما كانت تحمله هذه البنت من معاني هذا الاسم، فغلب اللّقب على اسمها الحقيقيّ، وهو آمنة. وممّا يُروى عنها – إضافة إلى ما كانت عليه من تقوى وورع وعبادة – أنّها كانت في منزلة عظيمة من الأدب والفصاحة؛ حيث كان منزلها محطّ الأدباء والشّعراء، لتكون بذلك أوّل من أنشأوا “الصّالون الأدبيّ” باصطلاحنا ومفهومنا المعاصريْن. رحم الله سُكَيْنة وأسكنها أعلى علّيّين.. وإليكنّ يا سيّدات “باقة – التّقدّميّة” كلّ التّقدير والاحترام وأصدق الأمنيات..

ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

وحديثنا، أبدًا، عن لُغتنا ونَحْن!

(الكبابير)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>