قولُنا في بعضِ أمثالِنا أو لا- أمثالِنا..!/ أسعد موسى عودة

|أسعد موسى عَودة| “لو كان الفقرُ رَجُلاً لقتلتُه& […]

قولُنا في بعضِ أمثالِنا أو لا- أمثالِنا..!/ أسعد موسى عودة

|أسعد موسى عَودة|

“لو كان الفقرُ رَجُلاً لقتلتُه”، هو قول منسوب إمّا إلى عمرَ بنِ الخطّاب، وإمّا إلى عليّ بنِ أبي طالبٍ، رضي الله عنهما وأرضاهما. وأنا أقول: لو كان بعضُ أمثالِنا – لا- أمثالِنا – رِجالاً، لقاتلتهم وقتلتهم وقتّلتهم تقتيلاً. تلك الأمثالُ – اللاّ- أمثالُ – الّتي قالها بعضُ النّاس بعضَ الوقت، فسَرَت على ألْسِنة كلِّ النّاس كلَّ الوقت، واعتمدوها نَهْج حياة، ظنّوا أنّها حياة؛ في حين أنّها لا تعدو كونَها حياة جسديّة حيوانيّة لا روحَ فيها؛ واتّخذوها – تلك الأمثالَ اللاّ- أمثالَ – أصنامًا تُعبَد، وهي لا تُسْمِنُ ولا تُغْنِي مِن جُوع، وتضرّ ولا تنفع؛ وحيث لا تسويغَ لها – هذه الأمثالِ اللاّ- أمثالِ – في حال من الأحوال؛ لأنّها تتنافى، أصلاً، مع جوهر وجودنا الإنسانيّ، ألا وهو كرامتنا وشرفنا الإنسانيّان؛ إذ أفرز مِثْلُ هذه الأمثالِ – اللاّ- أمثالِ – ألدّ أعدائنا، نحن -بني نوع الإنسان- في كلّ زمان ومكان، ألا وهو الكذِب، فسوّل لنا مِثْلُ هذه الأمثالِ -اللاّ- أمثالِ- التَّزَلُّفَ المكروه، والمُراءاة، والمُحاباة، والمُداهَنة، والتّصنّع، والمجاملة البغيضة الممقوتة غير المُسْتَساغَة ولا المهضومة في الغالب؛ وغيرها من صور الكذِب الّتي أفرزت -بدورها- الاستكانة، والخُنوع، والذُّلّ، والهَوان، والرِّشْوة والفساد وغيرها. ومن جُملة هذه الأمثالِ -اللاّ- أمثالِ- مثلاً، لا حَصْرًا ولا قَصْرًا: “إلإيدْ إللي ما بْتِغْضَر عَليها، بُوسْها وِادْعِي عَلِيها…”، أو “إذا كانْ إلَكْ عِنْدِ الْكَلْبْ حاجِة، قُلُّه يَ سِيدِي”، أو “…”، ومن فصيلة هذه اللاّ- أمثالِ الكثير، ممّا حَرِيٌّ بنا ولِزامٌ علينا أن نمزّقَه كُلَّ مُمَزَّقٍ، ونَبُولَ عليه، ونصرفَه عنّا ونصرفَنا عنه، في مجاري صَرْفنا الصّحّيّ؛ لتكون حياتنا أكثر صِحّةً، ونظافةً، وحقيقةً، وإيمانًا، وشرفًا، وعِزّةً، وكرامةً، وإنسانيّةً.


سُئِلْتُ.. فأجَبْتُ..

سُئلتُ عن ترجمة الكلمة العبريّة “אַקְטוּאָלִי”، فقلتُ هي من الإنچليزيّة “actual”، ولنا أن نترجمها -بموجب السّياق المُعطى- طبعًا، بالآتي: فعليّ، حقيقيّ، حاليّ، أو واقعيّ.

وسُئلتُ عن ترجمة الكلمة العبريّة “אוֹתֶנְטִי”، فقلتُ هي من الإنچليزيّة، أيضًا، “authentic”، ولنا أن نترجمها -بموجب السّياق المُعطى- طبعًا، بالآتي: حقيقيّ، أصليّ، موثوق به، أو جدير بالتّصديق.

وسُئلتُ في أصل كلمة “فْيُوز” (في الكَهْرَباء)، فقلتُ هي من الإنچليزيّة “fuse”، وهي في العبريّة “נָתִיךְ”، وهي في العربيّة “فَتِيل”.

وسُئلتُ في الفرق بين “مَقام” و”مُقام”، فقلتُ: الأوّل مصدر مِيمِيّ للفعل اللاّزم (أو غير المتعدّي مباشَرة إلاّ بحرف جرّ) “قام”، بمعانيه المختلفة؛ والثّاني اسم مفعول أو مصدر مِيمِيّ للفعل المتعدّي المَزيد “أقام” (على وزن أفْعَل)، بمعانيه المختلفة، أيضًا.


الصّيّاد..

هالني وأفزعني ما نظرتُه من أخطاء، في تقرير أو خبر جاء، في إحدى صحفنا الأسبوعيّة “الغرّاء”، من الأسبوع الفائت، واقع في أقلّ من ربع صفحة. وإليكم نماذج، فقط، من الأخطاء اللّغويّة والأسلوبيّة الصّارخة الّتي وقعت في التّقرير أو الخبر أعلاه: “رَفَض… من أن أذكر…”؛ فتعدِية الفعل “رَفَض” بحرف الجرّ “من” تبدو “ابتكارًا” جديدًا في لغتنا العربيّة، القديمة والحديثة، الّتي لا نعرف غير قبولها بتعدِية مثل هذا الفعل مباشرة (رَفَض الشّيءَ أو رَفَض أن…). و”خوفًا من أن يَقُمْنَ المعلّماتُ”؛ بدلاً من: خوفًا من أن تقوم المعلّماتُ، وقد جُعل فاعلان لفعل واحد (نون النّسوة والمعلّمات)، وهو ما يُسمّى بلغة “أكلوني البراغيث” الّتي عرَفها بعضُ قبائل العرب ووثّقها القرآن الكريم، لكنّها غير مقبولة عند سيّدتنا، اللّغة العربيّة المعاصرة. و”إقناعه على إجراء”؛ فمرّة أخرى يُستخدم حرف جرّ في غير موضعه، فالصّحيح: إقناعه بإجراء. و”… أنّ قسم كبير…”؛ بدلاً من: أنّ قسمًا (اسم “أنّ” منصوب) كبيرًا (نعت منصوب). و”ولفتت نظري… على أنّ…”؛ بدلاً من: ولفتت نظري… إلى أنّ…. وغيرها وغيرها. وفي خبر آخر صغير جدًّا من الصّحيفة نفسها جاء -من جملة ما جاء من أخطاء-: “… لم يكُنْ فيها شارعًا…”؛ معتبِرًا صديقُنا، كاتبُ الخبر أو محرّرُه أو مصحّحُه “يكُنْ” – ههنا – فعلاً ناقصًا، في حين أنّها -ههنا- تامّة؛ تحتمل فاعلاً لا اسمًا وخبرًا؛ فوجب على صديقنا أن يقول: لم يكُنْ فيها شارعٌ. أهكذا، إذًا، يُتعامُل مع القرّاء في صحفنا “الغرّاء”، بهذه المجّانيّة والاستهزاء؟!”مِش عِيب؟!”.


“فإمّا حياةٌ تُسِرُّ الصّديقَ    وإمّا مَماتٌ يُغِيظُ العِدى”..

كثيرًا ما نسمع في مظاهراتنا وتظاهراتنا النّضاليّة المحلّيّة ترديد البيت أعلاه للشّاعر الفِلَسطينيّ الشّهيد (شهيد معركة الشّجرة عام 1948)، عبد الرّحيم محمود، بنصب “حياة” و”ممات”؛ حيث يقولون: “فإمّا حياةً… وإمّا مَماتًا…”، وقد كان ذلك، أيضًا، في المظاهرة الأخيرة الّتي شهدتها ساحة العين في مدينة النّاصرة، أوّلَ أمسِ الأوّل، الثّلاثاء، والّتي رفعت شعار: “الشّعب يريد إنهاء الانقسام”! وهو من الخطأ بمكان، في رأيي المتواضع؛ وذلك، أوّلاً، لأنّه ليس من قول الشّاعر، أصلاً، الّذي رفع ولم ينصب. وثانيًا، لأنّ الاسميْن الواقعيْن بعد “إمّا” التّخييريّة، ههنا (اقرأ -إن شئت- في شأن “إمّا” الإباحيّة، و”إمّا” الإبهاميّة، و”إمّا” التّخييريّة، و”إمّا” التّفصيليّة)، كلٌّ منهما خبر لمبتدأ محذوف، تقديره “هي” في الأوّل، وتقديره “هو” في الثّاني، والجملة الفعليّة اللاّحقة -في الموضعَيْن- في محلّ رفع نعت؛ علمًا أنّ إضمار فعل في الموضعيْن جائز، أيضًا، وبالتّالي يكون نصب الاسميْن الواقعيْن بعد “إمّا” التّخييريّة -ههنا- واجبًا، غير أنّ ذلك يُدخلنا في متاهاتِ تأويلهما النّحْويّ، تَبَعًا للفعل المُضمَر، وشاعرنا الشّهيد لم يُرِد لنا ولا له ذلك. وثالثًا، لأنّ الرّفع في اللّغة أعلى وأولى وأكبر. فلهذه الأسباب الثّلاثة مجتمعةً، قُلْ: “فإمّا حياةٌ… وإمّا مَماتٌ…” ولا تقُل: فإمّا حياةً… وإمّا مَماتًا…. ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهد!

(الكاتب دارس عاشق للّغة العربيّة، مترجم ومحرّر لغويّ؛ الكبابير/ حيفا)



المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>