فساتين/ لنا عدوان

حين أزولْ،/ لن ينفُضَ أحدٌ هذا التَّبغَ من جوفي/ وسيكتبونَ على قبري:/ “من المياهِ إلى المياهِ نعودْ”!

فساتين/ لنا عدوان

"بورتريه أديل بلوخ"- بريشة غوستاف كليمت


|لنا عدوان|


“فساتينُ متساقطةٌ”

البيتُ الّذي رفعني يومًا

فوق مياهٍ ورديّةٍ،

يحلِّقُ الآن مترنحًا

تتساقطُ منه كلُّ فساتيني!


أتلقّاه بمَعِدَةٍ فارغةٍ

أبتلعُ جدرانَهُ،

ينفخُ صدري

بمزيجِ أحجارٍ وطين.


أحملُ ثِقَلي وأَقفُ

أَقفُ بخوفٍ، بلا سقفٍ

متكئةً بنفسي على نفسي

أمسي مبلَّلٌ بماءِ الوردْ

وغدي شرارةٌ

أشعلُ بها سيجارةً

تعبّئ مجرى نَفَسي بالرّمادْ.


حين أزولْ،

لن ينفُضَ أحدٌ هذا التَّبغَ من جوفي

وسيكتبونَ على قبري:

“من المياهِ إلى المياهِ نعودْ”!


“فستانٌ جافٌّ”

معلَّقٌ، على حبلِ الغسيلِ

فتاتُ غبارٍ يتراكمُ فوق قدميْهِ

وهو يركُلُ الجهاتِ ليمشي صَوْبَ الرّيحْ؛

لا المطرُ يُثْقِلُ عليه بقطراتِ الوردِ

وَلا الشّمسُ تشرقُ عليه فيستريحْ!


“فستانٌ زهريٌّ”

ذاك الفستانُ الزّهريُّ المعروضُ للبيعِ

على طاولةٍ مكتظّةٍ بالقماشِ الرّخيصِ،

يحاولُ ألا يطالهُ اللّعابُ المتطايرُ

من سعالِ الباعةِ في سوقِ السّبتِ؛

.

.

ذاك الفستانُ الزّهريُّ؛

يحملُ رائحتي.


“فستانُ طفلةٍ”

يتراقصُ على جسدِها الغَضِّ

فيتلعثمُ بلفظِ الزّمنِ؛

ولا يفقهُ منَ الحياةِ أوِ الموتِ شيئًا،

سوى هذه اللّحظة!


“فستانٌ ضيّقٌ”

أبدو نحيلةً جدًا

حين أكونُ داخلَكَ؛

فلأبحثْ عن مرآةٍ جديدةٍ،

لا تنعكسُ فيها صورتُكَ!


“فستانٌ ممزّقٌ”

“يا لبؤسِ حظّي”، تقولُ الفراشةُ

وهي تَحُطُّ على كتفِ الفستانِ،

ثم تناجي نفسَها قائلةً:

“لم ينلْني منه يومًا،

سوى كتلةِ عطرٍ”!


“فستانُ الخِزانةِ”

لن أحتاجَ أيَّ لترٍ من الوَقودْ

لكي أشتقَّ هذا الفضاءْ،

فاللا- مسافةُ هُنا

تغلقُ كلَّ الآفاقْ.


“فستانٌ ملوّنٌ”

لكَ لونُ الوهمِ

ولي لونُ الحزنِ،

فأرجوكَ..

كُفَّ عَن ارتدائي!


“فستانٌ عارٍ”

الخوفُ،

ظلُّ الاحتمالاتِ.

وحدي أنا هُنا..

بلا ظلٍّ.


“فستانُ المُحِبَّةِ”

لو كنتُ أجيدُ الغناءَ؛

لندهتُ باسمِكَ..


“فستانٌ منسيٌّ”

لو أنساكَ يومًا على وجهِ المياهِ؛

أتنبتُ منكَ قامةُ السّلامِ؟


“فستانُ ليلى”

كانَتْ ليلى وكانَ الذّئبُ.

كنتُ أنا..

ولم يَزَلِ الحُبُّ!


“فُستاني”

أتُراه يعلمُ كم منَ الحبرِ

تكسّرَ على أصابعي،

وأنا عبثًا أحاولُ رسمَهُ؟

(دالية الكرمل، 2011)

المحرر(ة): علاء حليحل

شارك(ي)

4 تعقيبات

  1. لنا الشاعرة ،
    لغتك شفيفة نزقة ، سلسة عبقة وموهبتك واضحة وصقلها وتنميتها ” فرض عين ” ..أرجو لك الاستمرار في استنطاق الفساتين .. شكرا هديل .. مفاجأة جميلة جدا فالقصائد البرقية تشي بمطر ..

  2. “فستنان لنا”
    يعبق بشذا الكلمات
    وينثر أريجهُ على كاحلي
    .
    .
    .
    رائعٌ بروعةِ نبسان!

  3. كل الاحترام..
    روعه!
    ننتظر المزيد !!

  4. رائع بل اكثر .. ننتظر ديوان هيك مرتب :)
    الي الامام :)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>